كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 3)

وهذا في الليل؛ لأنهم في النهار لا بد لهم من الانتشار، والتشاغل بالمعاش، والأمور التي لا ينقطعون عنها بالمطر، فتزول فائدة الرخصة.
فأما حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - إن صح -، فهو محمول على الوقت الذي كان يجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير عذر، وقد رُوي في ذلك أخبار، فروى النجاد بإسناده عن صالح مولى التوءمة (¬1) عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان يجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في المدينة، من غير خوف ولا مطر، قيل لابن عباس: فلم فعل ذلك؟ قال: أراد التوسعة على أمته (¬2)، وهذا يدل على ما ذكرنا.
فإن قيل: تناول قوله: ولا مطر، على أنه كان قد انقطع في الصلاة الثانية بعد أن أحرم بها، فإنه يتم الجمع.
قيل له: تعليل ابن عباس يمنع من هذا؛ لأنه قال: أراد التوسعة على أمته، وهو - رضي الله عنه - أعرفُ بالحال والقصة، فلم يصح هذا التأويل.
وأما القياس على السفر والمرض، فالمعنى فيهما: أن العذر
¬__________
= الجمع بين الصلاتين في الحضر (1/ 145)، وعبد الرزاق في المصنف رقم (4438 و 4439 و 4441)، وابن أبي شيبة في مصنفه رقم (6324 و 6328)، وابن المنذر في الأوسط (2/ 430)، وإسناده من أصح الأسانيد.
(¬1) في الأصل: التومة.
وصالح هو: ابن نبهان المدني، مولى التوءمة، قال ابن حجر: (صدوق اختلط)، توفي سنة 125 هـ. ينظر: التقريب ص 279.
(¬2) مضى تخريجه في ص 75.

الصفحة 96