قذفها حد وإن حلف أنه لم يرده فلا حد ويعزر للإيذاء فإن قال أردت القذف رتب عليه موجبه من حد أو تعزير
أما إذا قال له ذلك بعد استلحاق النافي له فهو قذف صريح اللهم إلا أن يدعي احتمالا ممكنا كقوله لم يكن ابنه حين نفاه فإنه يصدق بيمينه كما في زيارة الروضة ويعزر للإيذاء ولا يحد لاحتمال ما أراده
وحاصله أنه قذف عند الإطلاق فيحده من غير أن يسأله ما أراد فإن ادعى محتملا صدق بيمينه ولا حد
والفرق بين هذا وبين ما قبل الاستلحاق أنا لا نحده هناك حتى نسأله لأن لفظه كناية فلا يتعلق به حق إلا بالبينة وهنا ظاهر لفظه القذف فيحد بالظاهر إلا أن يذكر محتملا
ثم شرع في موجب القذف وهو الحد فقال ( ويحد قاذف محصن ) ثمانين جلدة لقوله تعالى { والذين يرمون المحصنات } الآية وسيأتي بيان الحد وشرطه في بابه
( ويعزر غيره ) وهو قاذف غير المحصن كالعبد والذمي والصبي والزاني للإيذاء
تنبيه عبارته قد توهم تعزير من لم يقذف أحدا فلو قال كالمحرر ويعزر قاذف غيره كان أولى وسيأتي بيان التعزير آخر كتاب الأشربة
( والمحصن ) الذي يحد قاذفه ( مكلف ) ومثله السكران المتعدي بسكره
وإنما لم يستثنه مع أنه على رأيه غير مكلف اعتمادا على استثنائه له في باب حد القذف
( حر مسلم عفيف عن وطء يحد به ) فإن لم يطأ أصلا أو وطىء وطئا لا يحد به كوطء الشريك الأمة المشتركة لأن أضداد ذلك نقص
وفي الخبر من اشرك بالله فليس بمحصن وإنما جعل الكافر محصنا في حد الزنا لأن حده إهانة له والحد بقذفه إكرام له واعتبرت العفة لأن من زنى لا يتعير به
تنبيه يرد على ما ذكره وطء زوجته في دبرها فإنه تبطل به حصانته على الأصح مع أنه لا يحد به
ويتصور الحد بقذف الكافر بأن يقذف مرتدا بزنا يضيفه إلى حال إسلامه وبقذف المجنون بأن يقذفه بزنا يضيفه إلى حال إفاقته وبقذف العبد بأن يقذفه بزنا يضيفه إلى حال حريته إذا طرأ عليه الرق وصورته فيما إذا أسلم الأسير ثم اختار الإمام فيه الرق
( وتبطل الصفة ) المعتبرة في الإحصان ( بوطء ) شخص وطئا حراما وإن لم يحد به كوطء ( محرم ) له برضاع أو نسب كأخت ( مملوكة ) له مع علمه بالتحريم ( على المذهب ) لدلالته على قلة مبالاته بالزنا بل غشيان المحارم أشد من غشيان الأجنبيات
وقيل لا تبطل العفة به على نفس الحد لعدم التحاقه بالزنا
تنبيه عبر المصنف في هذا الخلاف المرتب بالمذهب على خلاف اصطلاحه
( ولا ) تبطل العفة بوطء حرام في نكاح صحيح كوطء ( زوجته في عدة شبهة ) لأن التحريم عارض يزول
( و ) لا بوطء ( أمة ولده ) لثبوت النسب حيث حصل علوق من ذلك الوطء مع انتفاء الحد وقيده الأذرعي بما إذا لم تكن موطوءة الولد ولا مستولدته والظاهر إطلاق كلام الأصحاب
( و ) لا بوطء في نكاح فاسد كوطء ( منكوحته ) بهاء الضمير ( بلا ولي ) أو بلا شهود لقوة الشبهة
وقوله ( في الأصح ) راجع للجميع ومقابله تبطل العفة بما ذكر لحرمة الوطء فيه
تنبيه قضية إطلاقه أنه لا فرق بين جريان الخلاف في وطء المنكوحة بلا ولي بين معتقد الحل وغيره لكن قضية نص الأم والمختصر وكلام جماعة من الأصحاب اختصاصه بمعتقد التحريم وهو ظاهر
ولا تبطل العفة بوطء زوجته أو أمته في حيض أو نفاس أو إحرام أو صوم أو اعتكاف ولا بوطء مملوكة له مرتدة أو مزوجة أو قبل الاستبراء أو مكاتبة ولا بوطء زوجته الرجعية ولا بزنا صبي ومجنون ولا بوطء جاهل تحريم الوطء لقرب عهده بالإسلام أو نشأته ببادية بعيدة عن العلماء ولا بوطء مكره ولا بوطء مجوسي محرما له كأمه بنكاح أو ملك لأنه لا يعتقد تحريمه ولا بمقدمات الوطء في الأجنبية
( ولو زنا مقذوف ) قبل أن يحد قاذفه ( سقط الحد ) عن قاذفه لأن الإحصان لا يستيقن بل يظن وظهور الزنا يخلصه كالشاهد ظاهره العدالة شهد بشيء ثم ظهر فسقه قبل الحكم