كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 3)

وجب عليها الخروج معتدة لتقدم الإحرام وإن لم تخف الفوات لسعة الوقت جاز لها الخروج إلى ذلك لما في تعيين الصبر من مشقة مصابرة الإحرام
وإن أحرمت بعد أن طلقها أو مات بإذن منه قبل ذلك أو بغير إذن بحج أو عمرة أو بهما امتنع عليها الخروج سواء أخافت الفوات أم لا لبطلان الإذن قبل الإحرام بالطلاق أو الموت في الأولى ولعدمه في الثانية فإذا انقضت العدة أتمت عمرتها أو حجها إن بقي وقته وإلا تحللت بأفعال عمرة ولزمها القضاء ودم الفوات
( ولو خرجت إلى غير الدار المألوفة ) لها بالسكنى فيها ( فطلق وقال ما أذنت ) لك ( في الخروج ) وقالت بل أذنت لي ( صدق بيمينه ) لأن الأصل عدم الإذن فيجب عليها الرجوع حالا إلى المألوفة فإن وافقها على الإذن في الخروج لم يجب الرجوع حالا واختلافها في إذنه في الخروج لغير البلدة المألوفة كالدار
( ولو قالت ) له ( نقلتني ) أي أذنت لي في النقلة موضع كذا فيجب علي العدة فيه ( فقال ) لها ( بل أذنت ) لك في الخروج إليه ( لحاجة ) عينها فارجعي فاعتدي في الأول ( صدق ) بيمينه ( على المذهب ) لأنه أعلم بقصده وإرادته لأن القول قوله في أصل الإذن فكذا في صفته
تنبيه لو وقع النزاع بينها وبين الوارث صدقت بيمينها لأن كونها في المنزل الثاني يشهد بصدقها ويرجح جانبها على جانب الورثة ولا يرجح على جانب الزوج لتعلق الحق بهما والوارث أجنبي عنهما ولأنها أعرف بما جرى من الوارث بخلاف الزوج
( ومنزل بدوية ) بفتح الدال نسبة لسكان البادية وهو من شاذ النسب كما قاله سيبويه ( وبيتها من ) نحو ( شعر ) كصوف ( كمنزل حضرية ) في لزوم ملازمته في العدة
ولو ارتحل في أثنائها كل الحي ارتحلت معهم للضرورة وإن ارتحل بعض الحي نظر إن كان أهلها ممن لم يرتحل وفي المقيمين قوة وعدد لم يكن لها الارتحال وإن ارتحل أهلها وفي الباقين قوة وعدد فالأصح أنها تتخير بين أن تقيم وبين أن ترحل لأن مفارقة الأهل عسرة موحشة
وهذا مما تخالف فيه البدوية الحضرية فإن أهلها لو ارتحلوا لم ترتحل معهم مع أن التعليل يقتضي عدم الفرق
قال البلقيني ومحل التخيير في الوفاة والطلاق البائن أما الرجعية إذا كان مطلقها في المقيمين واختار إقامتها فله ذلك وهو ظاهر نص الأم وفيه توقف لتقصيره بترك الرجعة اه
وهذا ينبني على ما مر من أن زوج الرجعية هل يسكنها متى شاء أو لا وتقدم أن المشهور أنها كغيرها وعليه فليس له منعها ولها إذا ارتحلت معهم أن تقيم دونهم في قرية أو نحوها في الطريق لتعتد فإنه أليق بحال المعتدة من السير وإن هرب أهلها خوفا من عدو وأمنت لم يجز أن تهرب معهم لأنهم يعودون إذا أمنوا
تنبيه مقتضى إلحاق البدوية بالحضرية أن يأتي فيها ما سبق من أنه لو أذن لها في الانتقال من بيت في الحلة إلى آخر منها فخرجت منه ولم تصل إلى الآخر هل يجب عليها المضي أو الرجوع أو أذن لها في الانتقال من تلك الحلة إلى حلة أخرى فوجد سبب العدة من طلاق أو موت بين الحلتين أو بعد خروجها من منزل وقبل مفارقة حلتها
فهل تمضي أو ترجع على التفصيل السابق في الحضرية وسكت في الروضة كأصلها عن جميع ذلك
ولو طلقها ملاح سفينة أو مات وكان مسكنها السفينة اعتدت فيها إن انفردت عن الزوج في الأولى بمسكن فيها بمرافقة لاتساعها مع اشتمالها على بيوت متميزة المرافق لأن ذلك كالبيت في الخان وإن لم تنفرد بذلك
فإن صحبها محرم لها يمكنه أن يقوم بتسيير السفينة خرج الزوج معها واعتدت هي فيها فإن لم تجد محرما موصوفا بذلك خرجت إلى أقرب القرى إلى الشط واعتدت فيه فإن تعذر الخروج منه تسترت وتنحت عنه بقدر الإمكان
( وإذا كان المسكن ) ملكا ( له ويليق بها ) بأن يسكن مثلها في مثله ( تعين ) استدامتها فيه وليس لأحد إخراجها منه بغير عذر من الأعذار السابقة
تنبيه لو كان قد رهن المسكن بدين قبل ذلك ثم حل الدين بعد الطلاق ولم يمكنه وفاؤه من موضع آخر جاز
____________________

الصفحة 405