كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 3)

والأصح كما في الشرح والروضة منع الاعتياض عن النفقة المستقبلة لأنها معرضة للسقوط بالنشوز وغيره بخلاف الحالية والماضية
ومحل الخلاف في الاعتياض من الزوج
أما من غيره فلا يجوز قطعا كما قاله في الروضة أي في النفقة الحالية فإنها معرضة للسقوط بنحو نشوز
أما الماضية فيصح فيها بناء على صحة بيع الدين لغير من هو عليه
ويجري الخلاف في الاعتياض عن الكسوة إن قلنا تمليك وهو الأصح وفي الاعتياض عن الصداق كما في الشرح والروضة في باب المبيع قبل قبضه وفي باب الصداق
وحيث جوزنا الاعتياض يشترط أن لا يفترقا إلا عن قبض لئلا يصير دينا بدين وأن لا يكون فيه ربا كما ذكره بقوله ( إلا خبزا أو دقيقا ) ونحوهما من الجنس فلا يجوز ( على المذهب ) لما فيه من الربا
والثاني الجواز وقطع به البغوي لأنها تستحق الحب والإصلاح فإذا أخذت ما ذكر فقد أخذت حقها لا عوضه ورجحه الأذرعي وقال الأكثرون على خلاف الأول رفقا ومسامحة ثم قال ولا شك أنا متى جعلناه اعتياضا فالقياس البطلان
والمختار جعله استيفاء وعليه العمل قديما وحديثا
أما لو أخذت غير الجنس كخبز الشعير عن القمح فإنه يجوز كما لو أخذت النقد
تنبيه يدخل في الطعام ماء الشرب قال تعالى { ومن لم يطعمه فإنه مني } فيجب لها
قال الزركشي ولا شك في وجوبه وبه صرح الدارمي وقد يؤخذ من قول المصنف فيما بعد ويجب لها آلة أكل وشرب فإذا وجب الظرف وجب والمظروف
وأما تقديره فالظاهر فيه الكفاية ويكون إمتاعا لا تمليكا حتى لو مضت عليه مدة سقط اه
وفي قوله إمتاعا نظر والظاهر أنه تمليك لأنهم قالوا كل ما تستحقه الزوجة تمليك إلا المسكن والخادم
( ولو أكلت معه ) أي الزوج ( على العادة ) أي من غير تمليك ولا اعتياض ( سقطت نفقتها في الأصح ) قال في زيادة الروضة لجريان العادة به في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبعده من غير نزاع ولا إنكار ولا خلاف ولم ينقل ان امرأة طالبت بنفقة بعده
ولو كان لا يسقط مع علم النبي صلى الله عليه وسلم بإطباقهم عليه لأعلمهم بذلك ولقضاه من تركه من مات ولم يوفه وهذا لا شك فيه
والثاني لا تسقط لأنه لم يؤد الواجب وتطوع بغيره
تنبيه التصوير بالأكل معه على العادة قال الإسنوي يشعر بأنها إذا أتلفت أو أعطته غيرها لم تسقط وبأنها إذا أكلت معه دون الكفاية لم تسقط وبه صرح في النهاية وعليه فهل لها المطالبة بالكل أو بالتفاوت فقط فيه نظر
قال الزركشي والأقرب الثاني
وقال ابن العماد ينبغي القطع به فإن كان الذي أكلته غير معلوم وتنازعا في قدره صدقت فيه بيمينها لأن الأصل عدم قبضها الزائد
وقول المصنف معه ليس بقيد بل لو أرسل إليها الطعام أو أحضره وأكلته كان الحكم كذلك
ولو أضافها رجل فأكلت عنده لم تسقط نفقتها قال الدميري إلا أن يكون المقصود إكرام الزوج فتسقط
( قلت إلا أن تكون ) الزوجة ( غير رشيدة ) كصغيرة أو سفيهة بالغة ( ولم يأذن ) في أكلها معه ( وليها ) فلا تسقط نفقتها جزما بأكلها معه كما قاله في الروضة ( والله أعلم ) ويكون الزوج متطوعا
وأفتى البلقيني بسقوطها بذلك قال وما قيده النووي غير معتمد وقد ذكر الأئمة في الأمة ما يقتضي ذلك وعلى ذلك جرى الناس في الأعصار والأمصار
وعلى الأول قال الأذرعي والظاهر أن ما مر في الحرة أما الأمة إذا أوجبنا نفقتها فيشبه أن يكون المعتبر رضا السيد المطلق التصرف بذلك دون رضاها كالحرة المحجورة
تنبيه يرد على المصنف ما إذا طرأ سفه الزوجة بعد رشدها ولم يعد الحجر عليها فإنه لا يفتقر السقوط بالأكل مع الزوج إلى إذن الولي على المذهب لنفوذ تصرفها ما لم يتصل بها حجر الحاكم
فإن قيل أكل الصغير قبض وهو غير معتد به وإن أذن الولي
أجيب بأن الزوج كالوكيل في شراء الطعام وإنفاقه عليها ويشهد له ما لو خالعها على إرضاع ولده منها وعلى طعام في ذمتها وأذن لها في إنفاقه على الصغيرة فإنها تبرأ على المذهب هذا كما قال الأذرعي إذا كان الحظ للغير فيه أما لو كان الحظ في أخذ المقدر فلا ويكون فقد تؤدي المضايقة إلى المفارقة
ثم شرع في الواجب الثاني وهو الأدم فقال ( ويجب ) للزوجة على زوجها الأدم وجنسه ( أدم غالب البلد كزيت ) وشيرج ( وسمن وجبن وتمر ) وخل لقوله تعالى { وعاشروهن بالمعروف } وليس من المعاشرة بالمعروف تكليفها وجود إذنه كعدمه لبخس حقها إلا إن رأى الولي المصلحة
____________________

الصفحة 428