كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 3)

في ذلك فيجوز الصبر على الخبز وحده إذ الطعام غالبا لا يساغ إلا بالأدم
وقال ابن عباس في قوله تعالى { من أوسط ما تطعمون أهليكم } الخبز والزيت وقال ابن عمر الخبز والسمن
( ويختلف ) قدر الأدم ( بالفصول ) الأربعة فيجب لها في كل فصل ما يعتاده الناس من الأدم قالا وقد تغلب الفاكهة في أوقاتها فتجب وقال القاضي حسين يجب الرطب في وقته واليابس في وقته
قال الأذرعي ويجب أيضا أن يختلف الأدم باختلاف القوت الواجب فمن قوتها التمر لا يفرض لها التمر أدما ولا ما لا يؤكل مع التمر عادة كالخل ومن قوتها الأقط لا يفرض لها الجبن ولا اللبن أدما وقس على هذا
وقال أيضا إنما يتضح وجوب الأدم حيث يكون القوت الواجب ما لا ينساغ عادة إلا بالأدم كالخبز بأنواعه أما لو كان لحما أو لبنا أو أقطا فيتجه الاكتفاء به إذا جرت عادتهم بالاقتيات به وحده اه
وهذا لا ينافي ما مر عنه من قوله فمن قوتها التمر الخ لأن ذلك إذا لم تجر العادة بالاكتفاء به وحده
( ويقدره ) عند تنازع الزوجين فيه ( قاض باجتهاده ) إذ لا توقيف فيه من جهة الشرع ( ويفاوت ) في قدره ( بين موسر وغيره ) فينظر في جنس الأدم وما يحتاج إليه المد فيفرضه على المعسر ويضاعفه للموسر ويوسطه بينهما للمتوسط وما ذكره الشافعي رضي الله عنه من مكيلة زيت أو سمن أي أوقية فتقريب كما قاله الأصحاب
ولو سئمت من أدم لم يلزمه إبداله وتبدله هي إن شاءت لأنه ملكها
قال الأذرعي ولو كانت سفيهة أو مميزة وليس لها من يقوم بذلك فاللائق بالمعاشرة بالمعروف أن يلزم الزوج إبداله عند إمكانه
( و ) يجب لها عليه ( لحم يليق بيساره ) وتوسطه ( وإعساره كعادة البلد ) فإن أكلوا اللحم في كل يوم مرة فلها كذلك
ولا يتقدر بوزن كرطل بل يعتبر فيه تقدير القاضي كما صرح به في البسيط
ولو أن المصنف أخر عن الأدم واللحم قوله ويقدره الخ لرجع التقدير إليهما وما ذكره الشافعي رضي الله عنه من رطل لحم في الأسبوع الذي حمل على المعسر وجعل باعتبار ذلك على الموسر رطلان وعلى المتوسط رطل ونصف وأن يكون ذلك يوم الجمعة لأنه أولى بالتوسيع فيه محمول عند الأكثرين على ما كان في أيامه بمصر من قلة اللحم فيها ويزاد بعدها بحسب عادة البلد
قال الشيخان ويشبه أن يقال لا يجب الأدم في يوم اللحم ولم يتعرضوا له ويحتمل أي وهو الظاهر أن يقال إذا أوجبنا على الموسر اللحم كل يوم يلزمه الأدم أيضا ليكون أحدهما غذاء والآخر عشاء على العادة وينبغي على هذا كما قال بعضهم أن يكون الأدم يوم إعطاء اللحم على النصف من عادته وتجب مؤنة اللحم وما يطبخ به
( ولو كانت ) عادتها ( تأكل الخبز وحده وجب ) لها ( الأدم ) ولا نظر لعادتها لأنه حقها كما لو كانت تأكل بعض الطعام فإنها تستحق جميعه
ثم شرع في الواجب الثالث وهو الكسوة فقال ( و ) يجب لها ( كسوة ) بكسر الكاف وضمها لقوله تعالى { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } ولما روى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن قال حديث حسن صحيح
( ولا بد أن تكون الكسوة تكفيها ) للإجماع على أنه لا يكفي ما ينطلق عليه الاسم
وتختلف كفايتها بطولها وقصرها وسمنها وهزالها وباختلاف البلاد في الحر والبرد ولا يختلف عدد الكسوة باختلاف يسار الزوج وإعساره ولكنهما يؤثران في الجودة والرداءة
ولا فرق بين البدوية والحضرية على المذهب وفي الحاوي لو نكح حضري بدوية وأقاما في بادية أو حاضرة وجب عرفها ويقاس عليه عكسه
فإن قيل لم اعتبرتم الكفاية في الكسوة ولم تعتبروها في الطعام أجيب بأن الكفاية في الكسوة متحققة بالمشاهدة وكفاية الطعام ليست كذلك فلم يعتبروها للجهل بها
( فيجب ) لها عليه في كل ستة أشهر ( قميص ) وهو ثوب مخيط يستر جميع البدن وفي ذلك إشعار
____________________

الصفحة 429