كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 3)

ما دون مسافة القصر كالحاضر في البلد
( ولو تبرع رجل ) مثلا ( بها ) عن زوج معسر ( لم يلزمها القبول ) بل لها الفسخ كما لو كان لها دين على إنسان فتبرع غيره بقضائه لا يلزمه القبول لما فيه من المنة
وحكى ابن كج وجها أنه لا خيار لها وبه أفتى الغزالي لأن المنة على الزوج لا عليها
ولو سلمها المتبرع للزوج ثم سلمه الزوج لها لم يفسخ كما صرح به الخوارزمي
ولو كان المتبرع أبا أو جدا والزوج تحت حجره وجب عليها القبول كما قاله الإسنوي وألحق الأذرعي به ولد الزوج وسيده قال ولا شك فيه إذا أعسر الأب وتبرع ولده الذي يلزمه إعفافه
تنبيه يجوز لها إذا أعسر الزوج وله دين على غيره مؤجل بقدر مدة إحضار مال الغائب من مسافة القصر الفسخ بخلاف تأجيله بدون ذلك ولها الفسخ أيضا لكون ماله عروضا لا يرغب فيها ولكون دينه حالا على معسر ولو كان الدين عليها لأنها في حال الإعسار لا تصل إلى حقها والمعسر ينظر بخلافها في حال اليسار وبخلاف ما إذا كان دينه على موسر حاضر غير مماطل
ولو غاب المديون الموسر وكان ماله بدون مسافة القصر فهل لها الفسخ أو لا وجهان أوجههما الثاني وكلام الرافعي يميل إليه فإن كان المديون حاضرا وماله بمسافة القصر كان لها الفسخ كما لو كان مال الزوج غائبا
ولا يفسخ بكون الزوج مديونا وإن استغرقت الديون ماله حتى يصرفه إليها
ولا تفسخ بضمان غيره له بإذنه نفقة يوم بيوم بأن تجدد ضمان كل يوم وأما ضمانها جملة لا يصح فتنفسخ به
( وقدرته ) أي الزوج ( على الكسب كالمال ) أي كالقدرة عليه فلو كان يكسب كل يوم قدر النفقة لم يفسخ لأنها هكذا تجب وليس عليه أن يدخر للمستقبل فلو كان يكسب في يوم ما يكفي لثلاثة أيام متصلا ثم لا يكسب يومين أو ثلاثة ثم يكسب في يوم ما يكفي للأيام الماضية فلا فسخ فإنه ليس بمعسر ولا تشق الاستدانة لمثل هذا التأخير اليسير
وليس المراد أن يصبرها هذه المدة بلا نفقة بل المراد كما قاله الماوردي والروياني وغيرهما أن هذا في حكم الواجد لنفقتها وتنفق مما استدانه لإمكان القضاء فلو كان يكسب في يوم كفاية أسبوع فتعذر العمل فيه لعارض فسخت لتضررها ويكون قدرته على الكسب بمنزلة دين مؤجل له على غيره بقدر ما مر فيه ولو امتنع من الكسب مع قدرته عليه لم تفسخ كالموسر الممتنع
تنبيه أفهم كلامه أنه لا يلزمه الكسب للإنفاق عليها وهو كذلك كما يلزمه لنفقة نفسه وأنه لو قدر على تكسب نفقة الموسر لزمه تعاطيه ولكن الذي في الروضة وأصلها أوائل هذا الباب أن القدرة على كسب واسع لا يخرجه عن حد الإعسار
وأطلق الشيخان الكسب ومحله إذا كان قادرا على كسب حلال أما إذا كان الكسب بأعيان محرمة كبيع الخمر أو كان الفعل الموصل الكسب محرما ككسب المنجم والكاهن فهو كالعدم وإن خالف الماوردي والروياني في القسم الثاني
( وإنما يفسخ ) للزوجة النكاح ( بعجزه ) أي الزوج ( عن نفقة معسر ) حاضرة لأن الضرر يتحقق بذلك فلو عجز عن نفقة موسر أو متوسط لم ينفسخ لأن نفقته الآن نفقة معسر فلا يصير الزائد دينا عليه بخلاف الموسر أو المتوسط إذا أنفق مدا فإنها لا تفسخ ويصير الباقي دينا عليه
فروع لو وجد الزوج نصف المد بكرة غد وقته ونصفه عشاء كذلك لم تفسخ في الأصح ولو وجد يوما مدا ويوما نصف مد كان لها الفسخ ولو وجد كل يوم أكثر من نصف مد كان لها الفسخ أيضا كما شملته عبارة المصنف وإن زعم الزركشي خلافه
( والإعسار بالكسوة كهو ) أي كالإعسار ( بالنفقة ) على الصحيح إذ لا بد منها ولا يبقى البدن بدونها غالبا وقيل لا لأن الحياة تبقى بدونها
تنبيه سكت الشيخان عن الإعسار ببعض الكسوة وأطلق الفارقي أن لها الفسخ
والتحرير فيها كما قال الأذرعي ما أفتى به ابن الصلاح وهو أن المعجوز عنه إن كان مما لا بد منه كالقميص والخمار وجبة الشتاء فلها الخيار وإن كان منه بد كالسراويل والنعل وبعض ما يفرش والمخدة فلا خيار ولا فسخ بالعجز عن الأواني ونحوها كما جزم به
____________________

الصفحة 443