كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 3)

قوله تعالى { وصاحبهما في الدنيا معروفا } ومن المعروف القيام بكفايتهما عند حاجتهما وخبر أطيب ما يأكل الرجل من كسبه وولده من كسبه فكلوا من أموالهم رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه
قال ابن المنذر وأجمعوا على أن نفقة الوالدين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد والأجداد والجدات ملحقون بهما إن لم يدخلوا في عموم ذلك كما ألحقوا بهما في العتق والملك وعدم القود ورد الشهادة وغيرهما
وفي الثاني قوله تعالى { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } إذ إيجاب الأجرة لإرضاع الأولاد يقتضي إيجاب مؤنتهم وقوله صلى الله عليه وسلم لهند خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف رواه الشيخان والأحفاد ملحقون بالأولاد إن لم يتناولهم إطلاق ما تقدم
تنبيه استنبط من حديث هند غير وجوب نفقة الزوجة والولد ثلاثة عشر حكما نبه على ذلك ابن النقيب وذكرتها في شرح التنبيه
ولا يضر فيما ذكر اختلاف الدين كما قال ( وإن اختلف دينهما ) فيجب على المسلم منهما نفقة الكافر المعصوم وعكسه لعموم الأدلة ولوجود الموجب وهو البعضية كالعتق ورد الشهادة
فإن قيل هلا كان ذلك كالميراث أجيب بأن الميراث مبني على المناصرة وهي مفقودة عند اختلاف الدين وخرج بالأصول والفروع غيرهما من سائر الأقارب كالأخ والأخت والعمة
وأوجب أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه نفقة كل ذي محرم بشرط اتفاق الدين في غير الأبعاض تمسكا بقوله تعالى { وعلى الوارث مثل ذلك } وأجاب الشافعي رضي الله تعالى عنه بأن المراد مثل ذلك نفي المضارة كما قيده ابن عباس وهو أعلم بكتاب الله تعالى
والحر الرقيق فإن لم يكن مبعضا ولا مكاتبا فأن كان منفقا عليه فهي على سيده وإن كان منفقا فهو أسوأ حالا من المعسر والمعسر لا تجب عليه نفقة قريبه
فإن قيل العبد يلزمه نفقة زوجته فهلا كان كذلك هنا أجيب بأن نفقتها معاوضة وتلزم المعسر والعبد من أهلها
ونفقة القريب مواساة ولا تلزم المعسر فلم تلزمه لإعساره
وأما المبعض فإن كان منفقا فعليه نفقة تامة لتمام ملكه فهو كحر الكل وقيل بحسب حريته
وإن كان منفقا عليه فتبعض نفقته على القريب والسيد بالنسبة إلى ما فيه من رق وحرية
وأما المكاتب فإن كان متفقا عليه فلا يلزم قريبه نفقته على الأصح كما في زيادة الروضة هنا لبقاء أحكام عليه وإن وقع في الروضة وأصلها في قسم الصدقات أن عليه نفقته بل نفقته من كسبه فإن عجز نفسه فعلى سيده وإن كان منفقا فلا تجب عليه لأنه ليس أهلا للمواساة لأن ما معه إما غير مملوك له أو مملوك مستحق في كتابه إلا أن يكون له ولد من أمته فيجب عليه نفقته وإن لم يجز له وطؤها لأنه إن عتق فقد أنفق ماله على ولده وإن رق رق الولد أيضا فيكون قد أنفق مال السيد على رقيقه أو ولد من زوجته التي هي أمة سيده فيجب عليه نفقته لأنه ملك السيد فإن عتق أنفق ماله على ملك سيده وإن رق فقد أنفق عليه مال سيده بخلاف ولده من مكاتبة سيده لا ينفق عليه لأنها قد تعتق فيتبعها الولد لكتابته عليها ويعجز المكاتب فيكون قد فوت مال سيده
وبالمعصوم غيره من مرتد وحربي فلا تجب نفقته إذ لا حرمة له لأنه مأمور بقتله
فإن قيل تجب نفقة الرقيق وإن كان غير معصوم كما سيأتي
أجيب بأن الرقيق لما كان السيد مالكا لرقبته وله التصرف فيه خير بين أن ينفق عليه أو يزيل ملكه عنه بخلاف الأصل والفرع
تنبيه كما يلزم الولد نفقة الأب يلزمه نفقة رقيقه المحتاج لخدمته وكذا زوجته وقد ذكرهما المصنف في باب الإعفاف بخلاف زوجة الابن على الأصح
ثم شرع في شرط وجوب نفقة القريب فقال ( بشرط يسار المنفق ) من والد أو ولد لأنها مواساة فاعتبر فيها اليسار وقيل لا يشترط يسار الوالد في نفقة ولده الصغير فيستقرض عليه ويؤمر بوفائه إذا أيسر ( بفاضل عن قوته وقوت عياله في يومه ) وليلته التي تليه سواء أفضل ذلك بكسب أم بغيره فإن لم يفضل شيء فلا شيء عليه لقوله صلى الله عليه وسلم ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك فإن فضل عن أهلك فلذي قرابتك رواه مسلم
تنبيه في معنى القوت سائر الواجبات من مسكن وملبس فلو عبر بدله بالحاجة كان أولى
وأطلق المصنف
____________________

الصفحة 447