كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 3)

أهدى إليه وأصبر عليه من الأب ونحوه
( فإن رضي به في بيته ) فذاك ظاهر ( وإلا ففي بيتها ) يكون التمريض ويعودهما ويجب الاحتراز في الحالين من الخلوة بها ولا تمنع الأم من حضور تجهيزهما في بيته
أما إذا ماتا فله منعه من زيارة قبرهما إذا دفنا في ملكه والحكم في العكس كذلك
ولو تنازعا في دفن من مات منهما في تربة أحدهما أجيب الأب كما بحثه بعض المتأخرين
وإن مرضت الأم لزم الأب أن يمكن الأنثى من تمريضها إن أحسنت تمريضها بخلاف الذكر لا يلزمه أن يمكنه من ذلك وإن أحسن التمريض
( وإن اختارها ) أي الأم ( ذكر فعندها ليلا وعند الأب نهارا ) يعلمه الأمور الدينية والدنيوية على ما يليق به ( ويؤدبه ) أي يعلمه أدب النفس والبراعة والظرف فمن أدب ولده صغيرا سر به كبيرا يقال الأدب على الآباء والصلاح على الله
( ويسلمه لمكتب ) بفتح الميم والتاء ويجوز كسر التاء حكاه النحاس اسم للموضع الذي يتعلم فيه
وعبارة الشافعي رضي الله تعالى عنه الكتاب وقال ابن داود الأفصح المكتب لأن الكتاب جمع كاتب
( و ) ذي ( حرفة ) يتعلم من الأول الكتابة والثاني الحرفة على ما يليق بحال الولد
وطاهر كلام الماوردي أنه ليس للأب الشريف أن يعلم ابنه الصنعة إذا كان ذلك يزري به وهو ظاهر
وكذا لا ينبغي لمن له صنعة شريفة أن يعلم ابنه صنعة رديئة لأن عليه رعاية المصلحة وما فيه الحظ له ولا يكله في ذلك إلى أمه لعجز النساء عن القيام بمثل ذلك
تنبيه ظاهر كلامه إيجاب ذلك عليه وبه صرح في زوائد الروضة فقال يجب على الولي تأديب الولد وتعليمه أبا كان أو جدا أو وصيا وأجرة ذلك في مال الصبي فإن لم يكن فعلي من تلزمه نفقته
وما قاله في الليل والنهار قال الأذرعي جرى على الغالب فلو كانت حرفة الأب ليلا كالأتوني فالأقرب أن الليل في حقه كالنهار في حق غيره حتى يكون عند الأب ليلا لأنه وقت التعلم والتعليم وعند الأم نهارا كما قالوا في القسم بين الزوجات
( أو ) كان الذي اختار الأم ( أنثى ) أو خنثى كما بحثه شيخنا ( فعندها ليلا ونهارا ) لاستواء الزمانين في حقها طلبا لسترها
( و ) لا يطلب الأب احضارها بل ( يزورها الأب ) لتألف الستر والصيانة ( على العادة ) مرة في يومين فأكثر لا في كل يوم كما مر
تنبيه قوله على العادة يقتضي منعه من زيارتها ليلا وبه صرح بعضهم لما فيه من التهمة والريبة
وظاهر أنها لو كانت بمسكن زوج لها لم يجز له دخوله إلا بإذن منه فإن لم يأذن أخرجتها إليها ليراها ويتفقد حالها ويلاحظها بقيام تأديبها وتعليمها وتحمل مؤنتها وكذا حكم الصغير غير المميز والمجنون الذي لا تستقل الأم بضبطه فيكونان عند الأم ليلا ونهارا ويزورهما الأب ويلاحظهما بما مر وعليه ضبط المجنون
( وإن اختارهما ) أي اختار الولد المميز أبويه ( أقرع ) بينهما قطعا للنزاع ويكون عند من خرجت قرعته منهما
( فإن لم يختر ) واحدا منهما ( فالأم أولى ) لأن الحضانة لها ولم يختر غيرها ( وقيل يقرع ) بينهما وبه أجاب البغوي لأن الحضانة لكل منهما
ولو اختار غيرهما فالأم أولى أيضا استصحابا لما كان
ثم ما تقدم في أبوين مقيمين في بلد واحدة ( و ) حينئذ ( لو أراد أحدهما سفر حاجة ) كتجارة وحج طويلا كان السفر أم لا ( كان الولد المميز وغيره مع المقيم ) من الأبوين ( حتى يعود ) المسافر منهما لما في السفر من الخطر والضرر
تنبيه لو كان المقيم الأم وكان في مقامه معها مفسدة أو ضياع مصلحة كما لو كان يعلمه القرآن أو الحرفة وهما ببلد لا يقوم غيره مقامه في ذلك فالمتجه كما قاله الزركشي تمكين الأب من السفر به لاسيما إن اختاره الولد وسكت المصنف
____________________

الصفحة 458