كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 3)

إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه فليناوله لقمة أو لقمتين فإنه ولي حره وعلاجه والمعنى تشوف النفس لما تشاهده وهذا يقطع شهوتها والأمر في الخبر محمول على الندب طلبا للتواضع ومكارم الأخلاق
ولو أعطى السيد رقيقه طعاما لم يكن للسيد تبديله بما يقتضي تأخير الأكل بخلاف تبديله بما لا يقتضي ذلك
( وتسقط ) كفاية الرقيق ( بمضي الزمان ) فلا تصير دينا عليه إلا باقتراض القاضي أو إذنه فيه واقترض كنفقة القريب بجامع وجوبها بالكفاية ( وببيع القاضي ) أو يؤخر ( فيها ماله ) ان امتنع أو غاب لأنه حق وجب عليه تأديته
وكيفية بيعه أو إيجاره أنه إن تيسر بيع ماله أو إيجاره شيئا فشيئا بقدر الحاجة فذاك وإن لم يتيسر كعقار استدان عليه إلى أن يجتمع ما يسهل البيع أو الإيجار ثم باع أو أجر ما يفي به لما في بيعه أو إيجاره شيئا فشيئا من المشقة وعلى هذا يحمل كلام من أطلق أنه يباع بعد الاستدانة فإن لم يمكن بيع بعضه ولا إجارته وتعذرت الاستدانة باع جميعه أو أجره
( فإن فقد المال ) الذي ينفقه على رقيقه ( أمره ) القاضي ( ببيعه ) أو إجارته ( أو إعتاقه ) دفعا للضرر فإن لم يفعل أجره القاضي فإن لم يتيسر إجارته باعه فإن لم يشتره أحد أنفق عليه من بيت المال فإن لم يكن فيه مال فهو من محاويج المسلمين فعليهم القيام به
والدفع هنا يكون للسيد كما قاله ابن الرفعة لأن النفقة عليه وهو المكني عنه بأنه من محاويج المسلمين لا العبد
قال الأذرعي وظاهر كلامهم أنه ينفق عليه من بيت المال أو المسلمين مجانا وهو ظاهر إن كان السيد فقيرا ومحتاجا إلى خدمته الضرورية وإلا فينبغي أن يكون ذلك فرضا عليه اه
تنبيه قد علم مما تقرر أن القاضي إنما يبيعه إذا تعذرت إجارته كما ذكره الجرجاني وصاحب التنبيه وإن كان قضية كلام الروضة وأصلها أن الحاكم مخير بين بيعه وإجارته
وهذا في غير المستولدة أما هي فيخليها للكسب أو يؤخرها ولا يجبر على عتق بخلافه هنا لأنه متمكن من إزالة ملكه فيؤمر بما يزيل الملك ولا ضرر عليه في ذلك لأنه متمكن من البيع ولا كذلك أم الولد
وأيضا هذه ثبت لها حق في العتق وفي غير المبعض أما هو فإن كان بينه وبين سيده مهايأة فالنفقة على صاحب النوبة وإلا فعليهما بحسب الرق والحرية
( ويجبر أمته ) أي يجوز له إجبارها ( على إرضاع ولدها ) منه أو من غيره لأن لبنها ومنافعها له بخلاف الزوجة فإن الزوج لا يملك ذلك منها
تنبيه لو أراد تسليم ولدها منه إلى غيرها وأرادت إرضاعه لم يجز له منعها لما فيه من التفريق بينهما لكن له ضمه في وقت الاستمتاع إلى غيرها إلى الفراغ
أما إذا كان الولد حرا من غيره أو مملوكا لغيره فله منعها من إرضاعه ويسترضعها غيره لأن إرضاعه على والده أو مالكه كما نقله ابن الرفعة وغيره من الماوردي وأقروه
( وكذا غيره ) أي غير ولدها يجبرها على إرضاعه أيضا ( إن فضل ) لبنها ( عنه ) أي عن ري ولدها إما لاجتزائه بغيره وإما لقلة شربه وإما لغزارة لبنها لما مر فإن لم يفضل فلا إجبار لقوله تعالى { لا تضار والدة بولدها } ولأن طعامه اللبن فلا يجوز أن ينقص من كفايته كالقوت
( و ) يجبرها أيضا على ( فطمه قبل ) مضي ( حولين إن لم يضره ) أي الولد الفطم بأن اكتفى بغير لبنها ولم يضرها أيضا ( و ) يجبرها على ( إرضاعه بعدهما ) أي الحولين ( إن لم يضرها ) ولم يضره أيضا فليس لها استقلال برضاع ولا فطم لأنه لا حق لها في التربية بخلاف الحرة كما قال ( وللحرة حق في التربية ) وحينئذ ( فليس لأحدهما ) أي الأبوين الحرين ( فطمه ) أي الولد ( قبل ) مضي ( حولين ) إلا برضى الآخر
لأن مدة الرضاع لم تتم
تنبيه ظاهر كلامهم أنهما لو تنازعا في فطمه أن الداعي إلى تمام الحولين يجاب
قال الأذرعي يشبه إجابة من دعا للأصلح للولد فقد يكون الفطم مصلحة له لمرض أمه أو حملها ولم يوجد غيرها فظهر تعين الفطام هنا وليس هذا مخالفا لقولهم بل إطلاقهم محمول على الغالب
( ولهما ) فطمه قبل حولين ( إن لم يضره ) الفطم لاتفاقهما وعدم
____________________

الصفحة 461