كتاب الإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم (اسم الجزء: 3)

وقال الشيخ يحرم الجمع بين الأختين بالوطء بملك اليمين كقول جمهور العلماء. ومن قال كرهه أحمد فغلط. مأخذه الغفلة عن دلالة الألفاظ. ومراتب الكلام {إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} أي إلا ما قد مضى منكم في الجاهلية فقد عفونا عنه وغفرناه {إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا} وكذلك لا يجوز له الجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها كما سيأتي {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء} أي وحرم عليكم من الأجنبيات المحصنات وهن المزوجات فلا يحل للغير نكاحها قبل مفارقة الأزواج وفراغ العدة وهذه السابعة من اللاتي حرمن بالسبب.
{إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} أي إلا ما ملكتموهن بالسبي فإنه يحل لكم وطؤهن إذا استبرأتموهن. لأن بالسبي يرتفع النكاح بينها وبين زوجها وثبت عن أبي سعيد أنها نزلت في سبايا أوطاس لهن أزواج فكرهوا أن يقعوا عليهن فنزلت هذه الآية. وقيل المراد بالمحصنات من النساء ما عدا الأربع حرام عليكم إلا ما ملكت أيمانكم {كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُمْ} أي هذا التحريم كتاب كتبه الله عليكم فالزموا كتابه ولا تخرجوا عن حدوده. والزموا شرعه وما فرضه.
{وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ} أي ما عدا ما ذكر من المحارم هن حلال لكم {أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم} أي تطلبوا وتحصلوا بأموالكم فتنكحوا بصداق إلى أربع. أو تشتروا بثمن ما شئتم بالطريق الشرعي {مُّحْصِنِينَ} أي متزوجين أو متعففين.

الصفحة 535