كتاب الإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم (اسم الجزء: 3)

في الجاهلية ولهذا قال تعالى {إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} أي معنى في الجاهلية.
{إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} وهي أقبح المعاصي {وَمَقْتًا} أي يورث مقت الله والمقت أشد البغض {وَسَاء سَبِيلا} أي وبئس ذلك طريقًا لمن سلكه. فهو حرام بإجماع المسلمين. بشع غاية البشع. فمن تعاطاه بعد هذا الوعيد الشديد والتهديد الأكيد فقد ارتد عن دينه فيقتل كما سيأتي ولهذا حرمت أمهات المؤمنين على الأمة لكونهن زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو كالأب بل حقه أعظم من حق الآباء بالإجماع بل حبه - صلى الله عليه وسلم - مقدم على حب النفوس صلوات الله وسلامه عليه.
قال تعالى: {وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} أي لا يتزوجها أو لا يطؤها (إلا زان) أي عاص بزنا (أو مشرك) لا يعتقد تحريمه {وَحُرِّمَ ذَلِكَ} أي نكاح الزانية {عَلَى الْمُؤْمِنِين} أي حرم تعالى تعاطيه والتزويج بالبغايا. وهذه الآية كقوله تعالى {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} وقوله (والمحصنات من النساء) أي العفيفات فمفهومها أو غير العفيفة لا تباح والآية وإن كان لفظها الخبر فالمراد النهي.
قال ابن القيم وأما نكاح الزانية فقد صرح الله بتحريمه في سورة النور وأخبر أن من نكحها فهو زان أو مشرك. فهو إما أن يلتزم حكمه تعالى ويعتقد وجوبه عليه فإن لم يعتقده فهو

الصفحة 537