كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 3)
فَبَلَغَ الْخَبَرُ قَيْسًا فَخَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: يَا قَوْمُ إِنَّ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ كَذَّبُوا مُحَمَّدًا وَكَفَرُوا بِهِ مَا وَجَدُوا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلا!!! فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ دَخَلُوا فِي الإِسْلامِ كُرْهًا، وَفِي أَنْفُسِهِمْ مَا فِيهَا مِنَ النِّفَاقِ!!! فَلَمَّا وَجَدُوا السَّبِيلَ إِلَى خِلافِهِ، أَظْهَرُوا مَا فِي أَنْفُسِهِمْ!!! وَإِنَّ الْحَسَنَ عَجَزَ وَضَعُفَ وَرَكَنَ إِلَى صُلْحِ مُعَاوِيَةَ، فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ تُقَاتِلُوا بِغَيْرِ إِمَامٍ فَعَلْتُمْ؟! وَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا فِي الْفِتْنَةِ دَخَلْتُمْ؟ قَالُوا: فَإِنَّا نَدْخُلُ في الفتنة!!! فأعطى مُعَاوِيَةُ حَسَنًا مَا أَرَادَ، فِي صَحِيفَةٍ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِ مَخْتُومَةً، اشْتَرَطَ الْحَسَنُ فِيهَا شُرُوطًا، فَلَمَّا بَايَعَ مُعَاوِيَةَ لَمْ يُعْطِهِ مِمَّا كَتَبَ شيئا (ظ) !!! فَانْصَرَفَ الْحَسَنُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَمُعَاوِيَةُ إِلَى الشَّامِ.
62- قَالُوا: وَلَمَّا صَالَحَ الْحَسَنُ مُعَاوِيَةَ، وَثَبَ حُمْرَانُ بن أبان (و) أخذ الْبَصْرَةَ، وَأَرَادَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهَا رَجُلا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ مِنْ بَلْقَيْنِ، فَكَلَّمَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ فَأَمْسَكَ. وولي عتبة بْن أَبِي سُفْيَانَ الْبَصْرَةَ، فَقَالَ لَهُ ابْن عامر: إن لي بِهَا أموالا وودائع، فإن لم تولّينها ذهبت بولاة الْبَصْرَةِ [1] .
63- وَحَدَّثَنِي أَبُو مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عون عن أبيه قال:
لمّا ادّعى مُعَاوِيَةُ زِيَادًا وَوَلَّاهُ، طَلَبَ زِيَادٌ رَجُلا كَانَ دَخَلَ فِي صُلْحِ الْحَسَنِ وَأَمَانِهِ، فَكَتَبَ الْحَسَنُ فيه إلى زياد، ولم ينسبه إلى أب [2] فكتب إليه زياد:
__________
[1] والقصة قد ذكرها في آخر كتاب الغارات ص 645، بأبسط مما هاهنا، كما أن قصة تغلب حمران ابن أبان على البصرة مذكورة في كتاب الفتوح- لابن أعثم-: ج 4 ص 168، ط الهند.
[2] ورواه أيضا ابن أبي الحديد، عن المدائني في شرح المختار: (31) من كتب نهج البلاغة: ج 16 ص 18:
الصفحة 52