كتاب بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام (اسم الجزء: 3)

اعْلَم أَن الْمُرْسل يَنْقَسِم بانقسام الْمسند إِلَى صَحِيح وَسَقِيم، فَإِن مِنْهُ مَا يرويهِ الثِّقَات إِلَى الَّذِي أرْسلهُ.
وَمِنْه مَا يكون فِي إِسْنَاده إِلَى الَّذِي أرْسلهُ ضَعِيف، أَو ضعفاء، أَو مَجْهُول، أَو مَجَاهِيل.
فَالَّذِي لَا عيب لَهُ سوى الْإِرْسَال، هُوَ الَّذِي اخْتلف الْعلمَاء فِي الِاحْتِجَاج بِهِ، فَرَأى ذَلِك قوم، وأباه آخَرُونَ، فَإِن جمع إِلَى كَونه مُرْسلا ضعف راو أَو رُوَاة مِمَّن فِي إِسْنَاده، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يكون أَسْوَأ حَالا من الْمسند الضَّعِيف؛ لِأَنَّهُ يزِيد عَلَيْهِ بالانقطاع.
فَلَيْسَ يجب - وَالْحَالة هَذِه - أَن يسالم رُوَاة الحَدِيث الْمُرْسل، اكْتِفَاء بِذكر إرْسَاله، بل يبين من أَمرهم مَا يبين من أُمُورهم إِذا رووا الْمسند، وَيُوضَع فيهم من الْجرْح وَالتَّعْدِيل مَا يوضع فِي رُوَاة / الْمسند.
وَأَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله - يذكر أَحَادِيث مراسل، وَيبين إرسالها، وَلَا يعرض لَهَا بسوى ذَلِك، فَتحصل بِذكرِهِ عِنْد من لَا يعلم ضعفها، فِي جملَة مَا اخْتلف فِي قبُوله أَو رده من الْمُرْسل / وَهِي فِي الْحَقِيقَة لضعف من أعرض عَن ذكره من رواتها، فِي جملَة مَا لَا يحْتَج بِهِ أحد.

(644) فَمن ذَلِك أَنه ذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيث عَليّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وكاء السه العينان " الحَدِيث.

الصفحة 7