كتاب المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي (اسم الجزء: 3)

قلت: الحديث صحيح، وأبو الجوزاء ثقة عابد صدوق من رجال البخارى ومسلم والأربعة، لا مطعن فيه ولا مغمز أصلًا، والبخارى لم يقل: فيه نظر ولا نقل الذهبى ذلك عنه أصلًا، بل قال البخارى: في إسناده نظر، وهكذا نقله عنه الذهبى ولكن الشارح لبعده عن الفن يحرف ويقلب ويبدل ويغير ويأتي بالطامات، وفرق كبير بين "فيه نظر"، و"في إسناده نظر" فإن الأول: طعن في الرجل بل هو في اصطلاح البخارى من أشد الجرح.
والثانى: وهو في إسناده نظر ليس بطعن في الرجل ولا يحوم حوله أصلًا وإنما هو كلام في السند إليه أو في سماعه من شيوخه، وقد تكلم الحفاظ وأئمة الجرح على هذه المقالة بخصوصها:
فقال ابن حبان في الثقات: [1/ 278، رقم 1045] كان عابدًا فاضلًا، وقول البخارى: في إسناده نظر ويختلفون فيه، إنما قاله عقب حديث رواه في التاريخ من رواية عمرو بن مالك النكرى، والنكرى ضعيف عنده.
وقال ابن عدى: حدث عنه عمرو بن مالك قدر عشرة أحاديث غير محفوظة، وأبو الجوزاء روى عن الصحابة وأرجو أنه لا بأس به، ولا يصح روايته عنه أنه سمع منهم، وقول البخارى في إسناده نظر يريد أنه لم يسمع من مثل ابن مسعود وعائشة وغيرهما، لا أنه ضعيف عنده، وأحاديثه مستقيمة.
قلت: لو كان ضعيفا عنده، لما روى عنه في الصحيح، وليس كل من ذكره الذهبى في الميزان ضعيفًا، لا في نفى الأمر ولا عند الذهبى أيضًا، فقد قال هو نفسه: قد كتبت في مصنفى الميزان عددًا كثيرًا من الثقات الذين احتج البخارى ومسلم أو غيرهما بهم لكون الرجل منهم قد دون اسمه في مصنفات الجرح، وما أوردتهم لضعف فيهم عندى، بل ليعرف ذلك، وما زال يمر بى

الصفحة 101