كتاب المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي (اسم الجزء: 3)

من ذلك أنه اقتصر على العزو للعقيلى الموهم أنه لا يوجد لأحد من الستة، وقد خرجه الترمذى عن أنس مرفوعًا بأتم من هذا ولفظه: "إياكم والالتفات في الصلاة فإن الالتفات في الصلاة هلكة، فإن كان لابد ففي التطوع لا في الفريضة" اهـ. بحروفه، ثم قال الترمذى: حديث حسن، فعدول المصنف عنه تقصير أو قصور.
قلت: في هذا الكلام من جهالات الشارح أمور، الأول: أن كتاب العقيلى ليس مصنفا ولا صحيحا ولا سننا بل هو كتاب في الرجال الضعفاء، وما يخرجه فيه من الأحاديث "إنما يورده يستدل به على ضعف الرجل لنكارة الحديث وغرابته أو وهم في متنه وإسناده، فكل الأحاديث المخرجة فيه ضعيفة إلا القليل النادر الذي لم يصب العقيلى في الاستشهاد به أو الذي أورده خارجا عن موضوع استدلاله، فمطلق العزو إليه مؤذن بالضعف كما صرح به المصنف في خطبة الأصل أعنى الجامع الكبير.
الثانى: وحتى لو كان مصنفا أو سننا فإن المصنف قد عرض عن كلام الرجال في الحديث بالرموز للضعف والصحة والحسن.
الثالث: لم تجر عادة المصنف بنقل كلام المصنفين على الأحاديث من أول الكتاب إلى آخره، فهذا الترمذى والحاكم يقصان كل حديث بالكلام عليه، وقد أخرج المصنف من كتابيهما آلافا من الأحاديث، فما نقل في واحد منها كلامًا لواحد فهما استغناء بالرموز، فالتعقب بمثل هذا سخافة وتعنت ظاهر.
الرابع: قوله: في العقيلى يوهم أنه خرجه وأقره تلبيس منه وتدليس يوهم أن العقيلى صنف كتابا في الأحاديث المختلفة التي فيها الصحيح وغيره، وهو إنما ألَّف في الضعفاء.

الصفحة 177