كتاب المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي (اسم الجزء: 3)

المصنف على عزوه إليه وسكوته عما أعلَّه به غير صواب، ثم إن فيه أيضًا محمد بن زكريا الغلابى، قال الذهبى في الضعفاء: قال الدارقطنى: يضع الحديث، وقال ابن الجوزي: موضوع، فإن الغلابى يضع.
قلت: الشارح رحمه اللَّه يخلق المعايب ويفتريها بجهله ثم ينسبها إلى المؤلف وهو منها برئ، وانظر كيف عبر عنه هنا بأنه لبَّس تلبيسًا فاحشا مع ما كان عليه الحافظ رحمه اللَّه من خدمة الشريعة المحمدية والسنة النبوية والنصح للَّه ولرسوله ولدينهما والذب عن كل ما يحوم حوله مما له أدنى تعلق بالدين مع الإخلاص والصدق والمبالغة وبذل المجهود في الإيضاح والتبيين، بحيث قضى عمره رضي اللَّه عنه كله في الذب والانتصار والجهاد للمبتدعة والجهلة وفسقة العلماء المتلاعبين بالشريعة، ولذلك ابتلاه اللَّه تعالى بكثرة الحسدة والأعداء في حياته وحتى بعد مماته.
فهنا نسب المؤلف إلى التلبيس وهو الملبس على الحقيقة، فإن المؤلف رمز للحديث بعلامة الضعيف على ما اصطلح عليه في كتابه، وجعل ذلك بدل النص والتصريح اختصارا كما فعل في أسماء المخرجين، والضعيف يشمل المنكر والواهى وما هو أقوى منهما وسائر أنواع الضعيف، وبذلك أدَّى ما وجب عليه خدمة للدين والشريعة، بل جميع محدثى الدنيا ومؤلفيها ما التزم أحد منهم أن ينص عقب كل حديث على رتبته كما التزمه هو في هذا الكتاب مع أن الحفاظ المتقدمين والفقهاء والصوفية والمتكلمين والمفسرين لكلام اللَّه تعالى يكثرون من إيراد الأحاديث الباطلة الموضوعة من غير بيان بل ولا عزو ولا تخريج (¬1) فهم أولى أن يحكم عليهم الشارح الملبس بالتلبيس الفاحش ومعاذ اللَّه أن يقصد أحد منهم التلبيس في دين اللَّه والتلاعب بشريعته
¬__________
(¬1) ظاهر جدًا أن مقصود المصنف محمول على الأغلب، وإلا فهناك من المحدثين قد صنف ونص على درجة كل حديث، وما في جامع الترمذى لشاهد على ذلك.

الصفحة 19