كتاب المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي (اسم الجزء: 3)

في أشعار هذيل، وابن الشجرى في أماليه كلاهما من طريق الأصمعى عن أبي طرفة الهذلى عن أبي خراش، كما حكاه الحافظ السيوطى في شرح شواهد المغنى، وفي لسان العرب عن ابن برى قال: وذكر عبد الرحمن عن عمه عن يعقوب عن مسلم بن أبي طرفة الهذلى، قال: مرَّ أبو خراش يسعى بين الصفا والمروة وهو يقول:
لا همَّ هذا خامس إن تمَّ ... أتمه اللَّه وقد أتمّا
إن تغفر اللهم تغفر جمّا ... وأى عبد لك لا ألمّا
وأبو خراش هذا من المخضرمين، أدرك الجاهلية والإسلام ومات في زمن عمر رضي اللَّه عنه.
القول الخامس: أنه لامية بن الصلت وهو الذي ذكره الأكثرون ووقع من شعره في قصة غريبة خرجها إسحاق بن بشر "في المبتدأ" عن محمد بن إسحاق عن الزهرى وعن عثمان بن عبد الرحمن عن الزهرى عن سعيد بن المسيب قال: "قَدِمَت الفارعة أخت أمية بن أبي الصلت على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وكانت ذات لب وعقل وجمال فقال لها ذات يوم: يا فارعة هل تحفظين من شعر أخيك شيئًا؟ فقالت نعم، وأعجب من ذلك ما قد رأيت، قالت: كان أخى في سفر فلما انصرف بدأنى فدخل عليّ فرقد على سريرى وأنا أحلق أديما في يدى إذ أقبل طائران أبيضان فوقع على الكوة أحدهما ودخل الآخر فوقع عليه فشق ما بين قصمه إلى عانته ثم أدخل يده في جوفه فأخرج قلبه فوضعه في كفه ثم شمه فقال له الطائر الآخر أوعى؟ قال وعى قال: أزكى؟ قال: أبي، ثم رد القلب إلى مكانه فالتأم الجرح أسرع من طرفة عين ثم ذهبا، فلما رأيت ذلك دنوت منه فحركته فقلت: هل تجد شيئًا؟ قال لا إلا توهينا في جسدى وقد كنت ارتعبت مما رأيت، فقال: ما لى أراك مرتاعة؟

الصفحة 50