كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 3)

{دعوا إِلَى الله وَرَسُوله ليحكم بَينهم إِذا فريق مِنْهُم معرضون (48) وَإِن يكن لَهُم الْحق يَأْتُوا إِلَيْهِ مذعنين (49) أَفِي قُلُوبهم مرض أم ارْتَابُوا أم يخَافُونَ أَن يَحِيف الله عَلَيْهِم وَرَسُوله بل أُولَئِكَ هم الظَّالِمُونَ (50) إِنَّمَا كَانَ قَول الْمُؤمنِينَ إِذا دعوا إِلَى الله وَرَسُوله ليحكم بَينهم أَن يَقُولُوا سمعنَا وأطعنا}
قَوْله: {إِذا فريق مِنْهُم معرضون} أَي: عَن الْحق، وَقيل: عَن الْإِجَابَة، وَالْآيَة تدل على أَن القَاضِي إِذا دَعَا إِنْسَان ليحكم بَينه وَبَين خَصمه، وَجَبت عَلَيْهِ الْإِجَابَة.
قَوْله تَعَالَى: {وَإِن يكن لَهُم الْحق يَأْتُوا إِلَيْهِ مذعنين} أَي: مسارعين منقادين خاضعين.
وَقَوله: {أَفِي قُلُوبهم مرض} اسْتِفْهَام بِمَعْنى التوبيخ والذم، وَمَعْنَاهُ: عِلّة تمنع من قبُول الْحق.
وَقَوله: {أم ارْتَابُوا} أَي: شكوا.
وَقَوله: {أم يخَافُونَ أَن يَحِيف الله عَلَيْهِم وَرَسُوله} الحيف هُوَ الْميل بِغَيْر حق، وَيجوز أَن يعبر بِهِ عَن الظُّلم.
وَقَوله: {بل أُولَئِكَ هم الظَّالِمُونَ} قد بَينا.
قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا كَانَ قَول الْمُؤمنِينَ إِذا دعوا إِلَى الله وَرَسُوله ليحكم بَينهم} .
هَذَا لَيْسَ على طَرِيق الْخَبَر، وَلكنه تَعْلِيم أدب من الشَّرْع، على معنى أَن الْمُؤمنِينَ كَذَا يَنْبَغِي أَن يَكُونُوا.
وَقَوله: {أَن يَقُولُوا سمعنَا وأطعنا} أَي: سمعنَا الدُّعَاء، وأطعنا بالإجابة.
وَقَوله: {وَأُولَئِكَ هم المفلحون} أَي: الفائزون.
قَوْله تَعَالَى: {وَمن يطع الله وَرَسُوله} أَي: من يطع الله فِيمَا أَمر، ويطع رَسُوله فِيمَا سنّ.
وَقَوله: {ويخش الله} أَي: فِيمَا مضى.
وَقَوله: {ويتقه} أَي: يحذرهُ فِيمَا يسْتَقْبل.

الصفحة 542