كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 3)

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله وَإِذا كَانُوا مَعَه على أَمر جَامع لم يذهبوا حَتَّى يستأذنوه إِن الَّذين يَسْتَأْذِنُونَك أُولَئِكَ الَّذين يُؤمنُونَ بِاللَّه وَرَسُوله فَإِذا استأذنوك لبَعض شَأْنهمْ فَأذن لمن شِئْت مِنْهُم واستغفر لَهُم الله إِن الله غَفُور رَحِيم (62) لَا تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم كدعاء بَعْضكُم}
وَقَوله: {إِن الَّذين يستأذنوك أُولَئِكَ الَّذين يُؤمنُونَ بِاللَّه وَرَسُوله} رُوِيَ أَن عمر اسْتَأْذن رَسُول الله فِي غَزْوَة تَبُوك أَن يرجع إِلَى أَهله فَقَالَ: " ارْجع فلست بمنافق وَلَا مرتاب " يعرضه بالمنافقين، وَقيل: إِن هَذِه الْآيَة ناسخة لقَوْله تَعَالَى فِي سُورَة التوية: {عَفا الله عَنْك لم أَذِنت لَهُم} .
وَقَوله: {فَإِذا استأذنوك لبَعض شَأْنهمْ} أَي: أَمرهم.
وَقَوله: {فَأذن لمن شِئْت مِنْهُم} مَعْنَاهُ: إِن شِئْت فَأذن، وَإِن شِئْت فَلَا تَأذن.
{واستغفر لَهُم الله إِن الله غَفُور رَحِيم} أَي: ادْع لَهُم إِذا طلبُوا الدُّعَاء مِنْك.
قَوْله تَعَالَى: {لَا تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم كدعاء بَعْضكُم بَعْضًا} أَي: لَا تَقولُوا: يَا مُحَمَّد، يَا أَبَا الْقَاسِم، يَا ابْن عبد الله، وَلَكِن قُولُوا: يَا أَيهَا الرَّسُول، يَا أَيهَا النَّبِي، يَا رَسُول الله، وادعوه على التفخيم والتعظيم.
وَقَوله: {قد يعلم الله الَّذين يَتَسَلَّلُونَ} التسلل هُوَ الْخُرُوج على خُفْيَة، وَكَانَ المُنَافِقُونَ يَفْعَلُونَ هَكَذَا، وَكَانَ يشق عَلَيْهِم حُضُور الْمَسْجِد والمكث فِيهِ، وَسَمَاع خطْبَة النَّبِي، فَكَانَ [يسير] بَعضهم بِبَعْض وَيخرج من الْمَسْجِد.
وَقَوله: {لِوَاذًا} أَي: يلوذ بَعضهم بِبَعْض، وَقيل: (رحلا) .
وَقَوله: {فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره} أَي: أمره.
وَقَوله: {أَن تصيبهم فتْنَة} مَعْنَاهُ: لِئَلَّا تصيبهم فتْنَة أَي: بلية.
وَقَوله: {أَو يصيبهم عَذَاب أَلِيم} يُقَال: الْعَذَاب الْأَلِيم فِي الدُّنْيَا، وَيُقَال: فِي الْآخِرَة.

الصفحة 554