كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 3)
{الر تِلْكَ آيَات الْكتاب الْمُبين (1) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا لَعَلَّكُمْ تعقلون (2) نَحن نقص عَلَيْك أحسن الْقَصَص بِمَا أَوْحَينَا إِلَيْك هَذَا الْقُرْآن وَإِن كنت من قبله لمن الغافلين}
قَوْله تَعَالَى: {الر} مَعْنَاهُ: أَنا الله أرى؛ وَقد بَينا من قبل سوى هَذَا من الْمَعْنى فِي معنى [الْحُرُوف] الْمُقطعَة، فَلَا نعيد.
وَقَوله: {تِلْكَ آيَات الْكتاب الْمُبين} يَعْنِي: هَذِه الْآيَات الَّتِي أنزلتها عَلَيْك هِيَ تِلْكَ الْآيَات الَّتِي وعدت إنزالها فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل. وَقَوله: {الْمُبين} مَعْنَاهُ: الْبَين حَلَاله وَحَرَامه. وَقيل: الْبَين رشده وغيه.
قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا} أَكثر الْمُفَسّرين على أَن المُرَاد مِنْهُ: إِنَّا أنزلنَا الْقُرْآن عَرَبيا. وَفِي مسانيد ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا، عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " أَحبُّوا الْعَرَب لثلاث: لِأَنِّي عَرَبِيّ، وَالْقُرْآن عَرَبِيّ، وَكَلَام أهل الْجنَّة بِالْعَرَبِيَّةِ ". وَقَوله {لَعَلَّكُمْ تعقلون} أَي: تفهمون.
قَوْله تَعَالَى: {نَحن نقص عَلَيْك أحسن الْقَصَص} قَالَ أهل التَّفْسِير: مَعْنَاهُ: نَحن نبين لَك أَخْبَار الْأُمَم السالفة والقرون الْمَاضِيَة أحسن الْبَيَان؛ والقاص: هُوَ الَّذِي يَأْتِي بالْخبر على وَجهه. وَقيل: إِن المُرَاد من الْآيَة قصَّة يُوسُف خَاصَّة؛ سَمَّاهَا أحسن الْقَصَص لزِيَادَة التشريف. (وَقيل) : أعجب الْقَصَص. وَقيل: أحكم الْقَصَص. وَالْأول هُوَ القَوْل الْمَشْهُور. وَحكي عَن ابْن عَطاء أَنه قَالَ: لَا يسمع سُورَة يُوسُف محزون إِلَّا استروح إِلَيْهَا
الصفحة 6
557