كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 3)
ما قال -صلى الله عليه وسلم -: «أول ما خلق الله القلم فقال له: أجر بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة». وقيل: الكلمة هي القرآن، وتسميته كلمةً كتسمية القصيدة كلمةً. قلت: ومن ذلك تسميتهم قصيدة الحويدرية كلمةً، فيقولون: قصيدة الحويدرة، وتسميتهم القصيدة قافيةً كقوله: [من الوافر]
1365 - وكم علمته نظم القوافي ... فلما قال قافيةً هجاني
وقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: «أصدق كلمة قالها شاعرٌ كلمة لبيد: [من الطويل]
1366 - ألا كل شيءٍ ما خلا الله باطل ... وكل نعيمٍ لا محالة زائل
فقوله: {تمت] تنبيهٌ على حفظها، يعني أن الله تعالى حافظ القرآن، قال الراغب: فذكر أنها تتم وتتلى بحفظ الله إياها، فعبر عن ذلك بلفظ الماضي تنبيهًا على أن ذلك في حكم الكائن. وإلى هذا المعنى من حفظ القرآن أشار بقوله: {فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين} [الأنعام: 89]. وقيل: عني بها ما وعد من الثواب والعقاب. وقيل: عني بالكلمات الآيات والمعجزات، نبه بذلك على أن ما أرسل من الآيات تام وفيه بلاغٌ.
وقوله: {لا مبدل لكلماته} [الأنعام: 115] رد لقوله: {ائت بقرآن غير هذا أو بدله} [يونس: 15]. وقيل: أراد بكلمة ربك أحكامه التي حكم بها وبين انه شرع لعباده ما فيه بلاغٌ.
قوله: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربك لكان لزامًا وأجلٌ مسمى} [طه: 129] يعني وعدهم الساعة، قال تعالى: {بل الساعة موعدهم} [القمر: 46]. وقيل: إشارةٌ إلى حكمه الذي اقتضته حكمته وأنه لا تبديل لكلماته.