كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 3)
قوله: {ويحق الحق بكلماته} [الشورى: 24] أي: بحججه التي جعلها الله لكم سلطانًا مبينًا أي قوته.
قوله: {يريدون أن يبدلوا كلام الله} [الفتح: 15] إشارةٌ إلى ما قال: {فقل لن تخرجوا معي أبدًا ولن تقاتلوا معي عدوًا} [التوبة: 83]، وذلك أنه تعالى لما قال: {فقل لن تخرجوا} قال هؤلاء المنافقون: {ذرونا نتبعكم}. وقصدهم بذلك تبديل كلام الله، فنبه أن هؤلاء لا يفعلون، وكيف يفعلون وقد علم الله منهم أنهم لا يفعلون ذلك، وقد سبق بذلك حكمه وقرئ بذلك حكمه وقرئ: «كلام الله» و «كلم الله» ومعناهما متقارب.
قوله: {يحرفون الكلم عن مواضعه} [النساء: 46] قيل: إنهم كانوا يبدلون الألفاظ ويغيرونها، وذلك نحو وصفهم: آدم طوالٌ، فكان معتدلًا أبيض مشربًا بحمرةٍ، في صفته عليه الصلاة السلام. وقيل: إن تحريفهم كان من جهة المعنى، وهو حمله على غير ما قصد به واقتضاه. وقد رجح هذا جماعةٌ، منهم الراغب فقال: وهذا أمثل القولين. ولم يبين وجه ذلك، وبينه غيره فقال: كيف يعتقد أنه تغيير اللفظ والتوراة كثيرة النسخ منتشرةٌ في البلدان؟ فهب أن يهود المدنية حرفوا كتبهم فكيف وافقهم جميع الناس؟ وكيف اتفق التغيير أيضًا؟ وعندي جوابٌ نقلته عن شيخنا برهان الدين الجعبري المقرئ. وقد ذكرت هذا الاعتراض بحضرة جماعةٍ بالحرم، حرم الخليل إبراهيم -صلى الله عليه وسلم -، فذكر لي أن بعض مشايخه أجاب به وهو أن اليهود كانوا منحصرين بالمدينة وما حواليها، والتوراة لم تعلم إلا عندهم، وذلك أنهم انتقلوا من الشام لانتظار النبي المبعوث كما هو في القصة المشهورة. فقولهم: إن اليهود كانوا في البلدان والتوراة منتشرةٌ معهم خلاف الواقع، وإن وجد اليهود بأرض فإنما ذلك على سبيل التردد لا الإقامة، وإن اتفق ذلك فنادرٌ. قوله: {لولا يكلمنا الله} [البقرة: 118] أي مواجهةً.