كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 3)
قوله: {وما كان لبشرٍ أن يكلمه الله إلا وحيًا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولًا فيوحي بإذنه ما يشاء} [الشورى: 51]. اعلم أن كلام الله البشر على ضربين: أحدهما في الدنيا وهو ما نبه عليه بقوله: {وما كان لبشرٍ} الآية، والثاني في الآخرة يكلمهم بما فيه غاية السعادة، وهو قوله كما أخبر عنه الصادق: «اليوم أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدًا». قال بعضهم: كلامه لهم في الآخرة ثوابه للمؤمنين وكرامةٌ لهم تخفى عليهم كيفيته. ونبه تعالى أنه يحرم ذلك على الكفار بقوله: {ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم} [آل عمران: 77].
قوله: {لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي} [الكهف: 109] أي علمه.
قوله: {تعالوا إلى كلمةٍ سواءٍ} [آل عمران: 64] هي مفسرةٌ بقوله: {ألا نعبد إلا الله} [آل عمران: 64] الآية. وكل ما دعا الله الناس إليه فهو كلمةٌ.
قوله: {وصدقت بكلمات ربها وكتبه} [التحريم: 12] قيل: عنى بها عيسى، وفيه نظرٌ من حيث الجمع. وفي الحديث: «أعوذ بكلمات الله التامات»، عنى بها القرآن. وفيه: «واستحللتم فروجهن بكلمة الله» قيل: أراد قوله سبحانه: {فإمساكٌ بمعروفٍ أو تسريحٌ بإحسانٍ} [البقرة: 229].
وأصل اشتقاق الكلام من الكلم وهو التأثير، ومنه قيل للجرح كلمٌ لتأثيره في الجلد. وقد قرئ: {تَكْلمُهم} و {تُكلِّمُهم} [النمل: 82] أي تسمهم، أي تخيل منه التأثير المعنوي، فقيل: جرحه بلسانه: إذا كلمه بكلامٍ أثر فيه؛ قال امرؤ القيس: [من المتقارب]
1367 - وجرح اللسان كجرح اليد