كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 3)
العموم، واستعماله مؤكدًا تابعًا له في إعرابه أكثر من استعماله مبنيًا على عاملٍ لفظيٍّ أو معنويٍّ، نحو: جاء كل القوم و {كل نفسٍ ذائقة الموت} [آل عمران: 185] وضربت كلًا ومررت بكلٍّ. وهي من الأسماء اللازمة للإضافة. وقد تقع لفظًا فتنون، وفيه خلاف؛ هل هو تنوين عوضٍ أم لا؟ وهي نقيضة بعضٍ، وإذا أضيفت إلى معرفةٍ جاز أن يراعى لفظها تارةً ومعناها أخرى، قال تعالى: {وكلهم آتيه يوم القيامة فردًا} [مريم: 95]. وإن أضيفت إلى نكرةٍ فالمشهور اعتبار لفظها نحو: {كل نفسٍ ذائقة الموت} وكل رجلٍ قائم، فأما قول عنترة: [من الكامل]
1371 - جادت عليه كل عينٍ ثرةٍ ... فتركن كل حديقةٍ كالدرهم
فقد راعى معناها من حيث إنه قال: فتركن، فأتى بضمير الجمع، وليس بقياس. إذا قطعت عن الإضافة روعي معناها وهو الأكثر كقوله: {وكل أتوه داخرين} [النمل: 87] وللزومها الإضافة خطئ من أدخل عليها «ال» ونصبها حالًا. وأما قراءة: {إنا كلًا فيها} [غافر: 48] فكلًا تأكيد لاسم إنا، وفيها أبحاث كثيرة تركناها هنا إيثارًا للاختصار واستغناءً بما أودعناه غيره من الكتب اللائقة بذلك.
قال الراغب: لفظ كلٍّ هو لضم أجزاء الشيء، وذلك ضربان: أحدهما الضام لذات الشيء وأحواله المختصة به، ويفيد معنى التمام نحو قوله تعالى: {ولا تبسطها كل البسط} [الإسراء: 29] أي بسطًا تامًا، وأنشد: [من مجزوء الرجز]
1372 - ليس الفتى كل الفتى ... إلا الفتى في أدبه
أي التام الفتوة. والثاني الضام للذوات، وقد تضاف تارةً إلى جمعٍ معرفٍ بالألف واللام نحو: كل القوم، قال: وقد تعرى عن الإضافة، وتقدير ذلك فيه نحو: {كل في