كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 3)

به والجواب عنه. قوله:} موج كالظلل {[لقمان: 32] فقيل: هي شيء يشبه الظلمة، وبها شبهت الموجة. والأولى أن تكون على بابها، والتشبيه بها واضح لما فيها من التراكم والتلاحق. قوله:} هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون {[يس: 56] قرئ "ظلال" جمع ظل. وقيل: جمع ظلة نحو برمة وبرام، وقد تقدم. وقرئ "ظلل" جمع ظلة، يعني على التشبيه بما هم من الظل بمن أظلته سحابة، فصارت عليه ظلة. ثم لم يكتف بذلك حتى جعلها ظللاً متراكمة مبالغًة في الوصف. وحكي في ظلل - بضمتين - فقيل: يجوز أن يكون جمع ظلالٍ ظللٍ، فهو جمع الجمع، وهذا مردود بقاعدة تصريفيةٍ؛ وهو أن فعالاً وفعالاً إن كانا مضاعفين أو معتلي اللام لزمها الجمع على أفعلةٍ نحو زمام وأزمة. وقد يقال: لما ورد في لسانهم كما يشهد بذلك مساغ القول. وقد قالوا: عنان وعنن وحجاج وحجج. وكان الذي حمل هذا القائل - والله أعلم - على القول بذلك مع شذوذه أن هذا اللفظ قد ورد في صفة أهل النار بقوله لهم:} من فوقهم ظلل {[الزمر: 16] جعل أطباق النار - أعاذنا الله منها - ظللاً لمن فيها وبئس الظل. فقوله:} لهم من فوقهم ظلل {ظاهر؛ فإن الظلة ما علا فأظل. وأما قوله:} ومن تحتهم ظلل {فباعتبار من تحتهم من المعذبين في الطبقة التي تحتهم، فبالنسبة إلى من فوق هي كالأرض، وإلى من تحت ظلة، وهذا كسقفين؛ فإن الذي تحت يقال فيه ظلة، وغير ظلة بالنسبة والإضافة، وهذا كقوله تعالى في المعنى:} وإن جهنم لمحيطة بالكافرين يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم {.
قوله:} عذاب يوم الظلة {[الشعراء: 189] هي سحابة أنشأها الله تعالى كان فيها عذاب مدين؛ قيل: أصابهم ذلك اليوم حر عظيم إلى أن كادوا يهلكون، فأرسل الله ظلًة كثيفًة، أي سحابًة متراكمًة، فهرعوا إليها يستجيرون بها من الحر، فلما تكاملوا تحتها أطبقت عليهم بعذابها، فلم ير يوم مثله. وحكى الفراء: أظل يومنا، أي صار ذا ظل وهو السحاب. قوله تعالى:} انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعبٍ لا ظليلٍ}

الصفحة 7