كتاب القواعد للحصني (اسم الجزء: 3)

الزواجر والجوابر (¬1)
قاعدة (¬2): في الجوابر والزواجر، والفرق بينهما أن الجوابر شرعت لجلب المصالح، والزواجر لدرء المفاسد، فالجوابر تجبر ما فات من حقوق الله تعالى وحقوق عباده، ولا يشترط في ذلك الإِثم ألا ترى أنها شرعت مع الجهل والخطأ والنسيان، وعلى المجانين والصغار كما في حق الذاكر والعامد بخلاف الزواجز فإنها تختص بالصنف الثاني، ومعظمها لا يجب إلا على عاص زجرًا له عن العود إليها, ولغيره من مواقعه مثل ذلك وقد تكون لدفع المفسدة وإن لم يكن إِثم ولا عدوان كتأديب الصغار إِصلاحًا لهم. واختلفوا في الكفارات (¬3) والجمهور أنها جوابر بدليل أنها تجب على ناصب الميزاب والنائم وغيرهم (¬4)، ولأنها عبادات وقربات لا تصح إلا بالنية (¬5). والتقرب إِلى الله تعالى لا يصلح أن يكون زاجرًا بخلاف الحدود والتعزيرات، فإنها ليست قربات في أنفسها بل القربة في إِقامتها. ثم الأظهر في كفارة الظهار وفي إفساد الصوم والحج أنها تشتمل على المعنيين فإن وجوبها زاجر عن تعاطي أسبابها بخلاف الواجبة في كفارة قتل الخطأ فإنها للجبر المحض.
ثم الزواجر (¬6) تنقسم إلى قسمين الأول ما يكون زاجرًا عن الإصرار على المفسد
¬__________
(¬1) من هامش المخطوطة.
(¬2) انظر هذه القاعدة في قواعد الأحكام جـ 1 ص 150. وما بعدها والفروق للقرافي جـ 1 ص 213/ 216. وقواعد العلائي لوحة 117 وما بعدها.
(¬3) الخلاف إنما جرى في بعض الكفارات فالذي تفيده عبارات بعفى فقهاء الشافعية أن كفارة القتل الخطأ هي للجبر المحض قولًا واحدًا. وقد أشار إلى هذا المؤلف أيضًا وراجع قواعد الأحكام جـ 1 ص 150 ومغني المحتاج جـ 3 ص 359.
(¬4) لعل الأولى "غيرهما" لأنه عائد على مثنى. وممن تجب عليه الكفارات أيضًا حافر البئر وواضع الحجر. راجع قواعد العلائي لوحة 118 صفحة (أ).
(¬5) نهاية لوحة 125.
(¬6) انظر في هذا الفروق جـ 1 ص 213. وقواعد الأحكام جـ 1 ص 154.

الصفحة 418