كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 3)

وَنَظِيرُهُ مِنَ السُّنَّةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الدَّجَّالُ أَعْوَرُ وَاللَّهُ لَيْسَ بِأَعْوَرَ "، أَيْ بذي جوارح كوامل بتخيل جوارح له نَوَاقِصَ.
وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أن تنفد كلمات ربي} ليس المراد أن كلمات الله تنفذ بعد نفاذ البحر بل لا تنفذ أبدا لا قبل نفاذ البحر، ولا بعده وحاصل الكلام لنفذ البحر ولا تنفذ كَلِمَاتُ رَبِّي.
وَوَقَعَ فِي شِعْرِ جَرِيرٍ قَوْلُهُ:
فيالك يَوْمًا خَيْرُهُ قَبْلَ شَرِّهِ ... تَغَيَّبَ وَاشِيهِ وَأَقْصَرَ عَاذِلُهُ
قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: أَنْشَدْتُهُ كَذَلِكَ لِخَلَفٍ الْأَحْمَرِ فقال: أصلحه:
فيالك يَوْمًا خَيْرُهُ دُونَ شَرِّهِ ...
فَإِنَّهُ لَا خَيْرَ لِخَيْرٍ بَعْدَهُ شَرٌّ وَمَا زَالَ الْعُلَمَاءُ يُصْلِحُونَ أَشْعَارَ الْعَرَبِ، قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَرْوِيهِ أَبَدًا إِلَّا كَمَا أَوْصَيْتَنِي.

الصفحة 399