كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 3)

الثَّانِي: فِي الْغَرَضِ مِنْهُ.
وَهُوَ تَأْنِيسُ النَّفْسِ بِإِخْرَاجِهَا مِنْ خَفِيٍّ إِلَى جَلِيٍّ وَإِدْنَائِهِ الْبَعِيدَ مِنَ الْقَرِيبِ لِيُفِيدَ بَيَانًا.
وَقِيلَ: الْكَشْفُ عَنِ الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ مَعَ الِاخْتِصَارِ فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ: زَيْدٌ أَسَدٌ كَانَ الْغَرَضُ بَيَانَ حَالِ زَيْدٍ وَأَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِقُوَّةِ الْبَطْشِ وَالشَّجَاعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّا لَمْ نَجِدْ شَيْئًا يَدُلُّ عَلَيْهِ سِوَى جَعْلِنَا إِيَّاهُ شَبِيهًا بِالْأَسَدِ حَيْثُ كَانَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ مُخْتَصَّةً بِهِ فَصَارَ هَذَا أَبْيَنَ وَأَبْلَغَ مِنْ قَوْلِنَا زَيْدٌ شَهْمٌ شُجَاعٌ قَوِيُّ الْبَطْشِ وَنَحْوِهِ.
الثَّالِثُ: فِي أَنَّهُ حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ.
وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ قَالَ الزِّنْجَانِيُّ فِي "الْمِعْيَارِ": التَّشْبِيهُ لَيْسَ بِمَجَازٍ لِأَنَّهُ مَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي وَلَهُ أَلْفَاظٌ تَدُلُّ عَلَيْهِ وَضْعًا فَلَيْسَ فِيهِ نَقْلُ اللَّفْظِ عَنْ مَوْضُوعِهِ وَإِنَّمَا هُوَ تَوْطِئَةٌ لِمَنْ سَلَكَ سَبِيلَ الِاسْتِعَارَةِ وَالتَّمْثِيلِ لِأَنَّهُ كَالْأَصْلِ لَهُمَا وَهُمَا كَالْفَرْعِ لَهُ.
وَالَّذِي يَقَعُ مِنْهُ فِي حَيِّزِ الْمَجَازِ عِنْدَ الْبَيَانِيِّينَ هُوَ الَّذِي يَجِيءُ عَلَى حَدِّ الِاسْتِعَارَةِ.
وَتَوَسَّطَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فَقَالَ: إِنْ كَانَ بِحَرْفٍ فَهُوَ حَقِيقَةٌ أَوْ بِحَذْفِهِ فَمَجَازٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَذْفَ مِنْ بَابِ الْمَجَازِ.

الصفحة 415