كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 3)

وَقَوْلِهِ: {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فهو يشفين} .
وَإِمَّا فِي السَّمْعِ لِقُرْبِ أَحَدِ الْمَخْرَجَيْنِ مِنَ الْآخَرِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} .
تَنْبِيهَاتٌ:.
الْأَوَّلُ: نَازَعَ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ فِي الْآيَةِ الْأُولَى وَقَالَ: عِنْدِي أَنَّهُ لَيْسَ بِتَجْنِيسٍ أَصْلًا وَأَنَّ السَّاعَةَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَالتَّجْنِيسُ أَنْ يَتَّفِقَ اللَّفْظُ وَيَخْتَلِفَ الْمَعْنَى وَأَلَّا تَكُونَ إِحْدَاهُمَا حَقِيقَةً وَالْأُخْرَى مَجَازًا بَلْ تَكُونَا حَقِيقَتَيْنِ وَإِنَّ زَمَانَ الْقِيَامَةِ - وَإِنْ طَالَ - لَكِنَّهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فِي حُكْمِ السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ لِأَنَّ قُدْرَتَهُ لَا يُعْجِزُهَا أَمْرٌ وَلَا يَطُولُ عِنْدَهَا زَمَانٌ فَيَكُونُ إِطْلَاقُ لَفْظَةِ [السَّاعَةِ] عَلَى أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ حَقِيقَةً وَعَلَى الْآخَرِ مَجَازًا وَذَلِكَ يُخْرِجُ الْكَلَامَ مِنَ التَّجْنِيسِ كَمَا لَوْ قُلْتَ: رَكِبْتُ حِمَارًا وَلَقِيتُ حِمَارًا وَأَرَدْتَ بِالثَّانِي الْبَلِيدَ. وَأَيْضًا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالسَّاعَةِ السَّاعَةَ الْأُولَى خَاصَّةً وَزَمَانَ الْبَعْثِ فَيَكُونُ لَفْظُ السَّاعَةِ مُسْتَعْمَلًا فِي الْمَوْضِعَيْنِ حَقِيقَةً بِمَعْنًى وَاحِدٍ فَيَخْرُجُ عَنِ التَّجْنِيسِ.
الثَّانِي: يَقْرُبُ مِنْهُ الِاقْتِضَابُ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْكَلِمَاتُ يَجْمَعُهَا أَصْلٌ وَاحِدٌ فِي اللُّغَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ القيم} .
وقوله: {يمحق الله الربا ويربي الصدقات} وقوله: {وح وريحان} .

الصفحة 451