كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 3)

وَمِنْهُ نَوْعٌ يُسَمَّى الطِّبَاقُ الْخَفِيُّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا} لِأَنَّ الْغَرَقَ مِنْ صِفَاتِ الْمَاءِ فَكَأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَاءِ فِي النَّارِ وَالنَّارِ قَالَ ابْنُ مُنْقِذٍ: وَهِيَ أَخْفَى مُطَابَقَةٍ فِي الْقُرْآنِ.
قُلْتُ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا} فَكَأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْأَخْضَرِ وَالْأَحْمَرِ وَهَذَا أَيْضًا فِيهِ تَدْبِيجٌ بَدِيعِيٌّ.
وَمِنْهُ: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حياة} لِأَنَّ مَعْنَى الْقِصَاصِ الْقَتْلُ فَصَارَ الْقَتْلُ سَبَبَ الْحَيَاةِ.
قَالَ ابْنُ الْمُعْتَزِّ: وَهَذَا مِنْ أَمْلَحِ الطِّبَاقِ وَأَخْفَاهُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي الزُّخْرُفِ: {ظَلَّ وجهه مسودا} لِأَنَّ ظَلَّ لَا تُسْتَعْمَلُ إِلَّا نَهَارًا فَإِذَا لَمَّحَ مَعَ ذِكْرِ السَّوَادِ كَأَنَّهُ طِبَاقٌ يُذْكَرِ الْبَيَاضُ مَعَ السَّوَادِ.
وَقَوْلُهُ: {وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ} .

الصفحة 457