كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 3)

عَلَى تِلْكَ الصِّفَاتِ وَلَا يُعْلَمُ صِدْقُ الْخَبَرِ إِلَّا بِإِحْيَاءِ الْمَوْتَى لِيُدْرِكُوا ذَلِكَ وَمَنْ يَأْتِي بِالسَّاعَةِ يُحْيِي الْمَوْتَى فَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَخْبَرَ أَنَّهُ يَجْعَلُ النَّاسَ مِنْ هَوْلِ السَّاعَةِ سُكَارَى لِشِدَّةِ الْعَذَابِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى عُمُومِ النَّاسِ لِشِدَّةِ الْعَذَابِ إِلَّا مَنْ هُوَ عَلَى كُلِّ شيء قدير فإنه علىكل شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَخْبَرَ أَنَّ السَّاعَةَ يُجَازَى فِيهَا مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا بُدَّ مِنْ مُجَازَاتِهِ وَلَا يُجَازَى حَتَّى تَكُونَ السَّاعَةُ آتِيَةً وَلَا تَأْتِي السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَثَ مَنْ فِي الْقُبُورِ فَهُوَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ وَاللَّهُ يُنَزِّلُ الْمَاءَ عَلَى الْأَرْضِ الْهَامِدَةِ فَتُنْبِتُ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ وَالْقَادِرُ عَلَى إحياء الأرض بعد موتها يبعث من الْقُبُورِ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عن سبيل الله لهم عذاب شديد} مُقَدَّمَتَانِ وَنَتِيجَةٌ لِأَنَّ اتِّبَاعَ الْهَوَى يُوجِبُ الضَّلَالَ وَالضَّلَالَ يُوجِبُ سُوءَ الْعَذَابِ، فَأَنْتَجَ أَنَّ اتِّبَاعَ الْهَوَى يُوجِبُ سُوءَ الْعَذَابِ.
وَقَوْلُهُ: {فَلَمَّا أَفَلَ قال لا أحب الآفلين} أي القمر أفل وربي فليس بِآفِلٍ فَالْقَمَرُ لَيْسَ بِرَبِّي أَثْبَتَهُ بِقِيَاسٍ اقْتِرَانِيٍّ جَلِيٍّ مِنَ الشَّكْلِ الثَّانِي وَاحْتَجَّ بِالتَّعْبِيرِ عَلَى الْحُدُوثِ وَالْحُدُوثِ عَلَى الْمُحْدِثِ.

الصفحة 470