كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 3)

القاسم" فكان رخصة من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لعلي بن أبي طالب.
قال الطبريُّ في إباحة ذلك لعلي، ثم تكنيته على ولده أبا القاسم، إشارة إلى أن النهي عن ذلك كان على الكراهة لا على التحريم، قال: ويؤيد ذلك أنه لو كان على التحريم لأنكره الصحابة، ولما مكنوه أن يكني ولده أبا القاسم، أصلًا، فدل على أنهم إنما فهموا من النهي التنزيه. وتعقَّب بأنه لم ينحصر الأمر فيما قاله، فلعلهم علموا الرخصة له دون غيره، كما في بعض طرقه، أو فهموا تخصيص النهي بزمانه صلى الله تعالى عليه وسلم، وهذا أقوى, لأن بعض الصحابة سمى ابنه محمدًا وكناه أبا القاسم، وهو طلحة بن عُبيد الله، وقد جزم الطَّبرانيُّ أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، هو الذي كنّاه، وأخرج ذلك من طريق عيسى بن طلحة عن ظئر محمد بن طلحة، وكذا يقال لكنية كل من المحمدين: ابن أبي بكر، وابن سعد، وابن جعفر بن أبي طالب، وابن عبد الرحمن بن عوف، وابن حاطب بن أبي بَلْتَعَة، وابن الأشعث بن قيس أبو القاسم، وإن آباءهم كنَّوهُم بذلك.
قال عياض: وبه قال جمهور السلف والخلف، وفقهاء الامصار، وأما ما أخرجه أبو داود عن عائشة "أن امرأة قالت يا رسول الله إنّي سميت ابني محمدًا وكنيته أبا القاسم، فذكر لي أنك تكره ذلك، فقال: ما الذي أحل اسمي وحرَّم كنيتي؟ " فقد ذكر الطَّبرانيُّ في الأوسط أن محمد بن عمران الحَجَبَى تفرد به عن صفية بنت شيْبة عنها، ومحمد المذكور مجهول، وعلى تقدير أن يكون محفوظًا، فلا دلالة فيه على الجواز مطلقًا لاحتمال أن يكون قبل النهي.
الثالث: لا يجوز لمن اسمه محمد، ويجوز لغيره، قال الرافعي: يشبه أن يكون هذا هو الأصح، وأشار ابن أبي جَمْرة إلى تصحيحه، واستدلوا بما أخرجه أحمد وأبو داود, وحسّنه التِّرمِذيّ، وصححه ابن حبان

الصفحة 466