كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 3)
يقع للصِّدِّيق بطريق الكرامة والإِكرام، وإنما تحصل التفرقة بينهما باتباع الكتاب والسنة.
والحاصل من الأجوبة المذكورة ستة:
أحدها: أنه على التشبيه والتمثيل، ودل عليه قوله في الرواية الأخرى "فكأنما رآني في اليقظة".
ثانيها: أن معناها سيرى في اليقظة تأويلها بطريق الحقيقة أو التعبير.
ثالثها: أنه خاص بعصره ممن آمن به قبل أن يراه.
رابعها: أنه يراه في المرآة التي كانت له إن أمكن ذلك، وهذا من أبعد المحامل.
خامسها: أنه يراه يوم القيامة بمزيد خصوصية، لا مطلق من يراه حينئذ ممن لم يره في المنام.
سادسها: أنه يراه في الدنيا حقيقة، ويخاطبه. وقد مر ما فيه من الإشكال.
قال القرطبي: قد تقرر أن الذي يرى في المنام أمثلة للمرئيات لا أنفسها، غير أن تلك الأمثلة تارة تقع مطابقة وتارة يقع معناها. فمن الأول رؤياه عليه الصلاة والسلام لعائشة، وفيه فإذا هي أنت، فأخبر أنه رأى في اليقظة ما رآه في نومه بعينه. ومن الثاني رؤياه البقر التي تنحر، والمقصود بالثاني التنبيه على معاني تلك الأمور. ومن فوائد رؤيته صلى الله تعالى عليه وسلم تسكين شوق الرائي، لكونه صادقًا في محبته ليعمل على مشاهدته، وإلى ذلك الإشارة بقوله "فسيراني في اليقظة" أي: من رآني رؤية معظمٍ لحرمتي ومشتاقٍ إلى مشاهدتي، وصل إلى رؤية محبوبه، وظفر بكل مطلوبة.
قال: ويجوز أن يكون مقصود تلك الرؤيا معنى صورته، وهو دينه وشريعته، فيعبر بحسب ما يراه الرائي من زيادة ونقصان، أو إساءة
الصفحة 476
503