كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 3)

كمن رأى رأس إنسان على جسد فرس له جناحان مثلًا، وأشار بقوله "أعلاما" إلى الرؤيا الصحيحة المنتظمة الواقعة على شروطها.
وأما الحديث الذي أخرجه الحاكم والعقيليّ من رواية محمد بن عَجلان عن ابن عمر قال: لقي عمر عليًا فقال: يا أبا الحسن، الرجل يرى الرؤيا فمنها ما يصدق ومنها ما يكذب، قال: نعم. سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، يقول: "ما من عبد ولا أمة ينام فيمتلىء نومًا إلا تخرج روحه إلى العرش، فالذي لا يستيقظ دون العرش، فتلك الرؤيا التي تصدق، والذي يستيقظ دون العرش، فتلك الرؤيا التي تكذب". فقد قال الذهبي: أنه حديث منكر. وقال الحكيم الترمِذِيّ: وكل الله بالرؤيا ملكًا أطلعه على أحوال بني آدم من اللوح المحفوظ، فينسخ منها، ويضرب لكل على قصته مثلًا، فإذا نام مثل له تلك الأشياء على طريق الحكمة، لتكون له بشرى أو نذارة أو معاتبة. والآدميّ قد تسلط عليه الشيطان لشدة العداوة بينهما، فهو يكيده بكل وجه، ويريد إفساد أموره بكل طريق، فيلْبس عليه رؤياه، إما بتغليطه فيها، وإما بغفلته عنها ثم جميع المرائي تنحصر في قسمين: الصادقة، وهي رؤيا الأنبياء ومن تبعهم من الصالحين، وقد تقع لغيرهم بِنُدور، وهي التي تقع في اليقظة على وفق ما وقعت في النوم، والأضغاث، وهي لا تنذر بشيء، وهي أنواع:
الأول تلاعُب الشيطان ليحزن الرائي، كأن يرى أنه قد قطع رأسه وهو يتبعه، أو يرى أنه واقع في هول ولا يجد من ينجده، ونحو ذلك.
الثاني أن يرى أن بعض الملائكة تأمره أن يفعل المحرمات مثلًا، ونحوه من المحال عقلًا.
الثالث أن يرى ما تتحدث به نفسه في اليقظة أو يتمناه، فيراه كما هو في المنام، وكذا رؤية ما جرت به عادته في اليقظة، أو ما يغلب على مزاجه، ويقع عن المستقبل غالبًا، وعن الحال كثيرًا. وعن الماضي قليلًا.
فإن قيل هل يجوز أن تكون رؤيته، عليه الصلاة والسلام، في المنام

الصفحة 480