كتاب كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (اسم الجزء: 3)
حدثه في مجلس البَنَانِي ... حَجَّاجُ أعني ابن أبي عثمانِ
فظنه عن ثابتٍ جريرُ ... بيَّنه حمادٌ الضريرُ
وإذا روى الراوي حديثًا ضعيفًا لا يذكره بصيغة الجزم، نحو قال أو فعل أو أمر ونحو ذلك، بل يقول: رُوي عنه كذا، وجاء عنه كذا, ويُذكر أو يُحكى أو يُقال، أو بلغنا، ونحو ذلك. فإن كان صحيحًا أو حسنًا قال فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو فعله، ونحو ذلك من صيغ الجزم.
وقال القرطبيُّ: استجاز بعض فقهاء العراق نسبة الحكم الذي دل عليه القياس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نسبةً قولية، وحكاية فعلية، فيقول في ذلك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا. قال: ولذلك ترى كتبهم مشحونة بأحاديث موضوعة، يشهد متونها بأنها موضوعة, لأنها لا تشبه فتاوى الفقهاء، ولا يليق بجزالة كلام سيد المرسلين، فهؤلاء شملهم النهي والوعيد، ونظم العراقي صيغ الأداء في ذكر الضعيف بقوله:
وإن تجد متنًا ضعيف السَّنَدِ ... فقل: ضعيف أي بهذا فاقصدي
ولا تضعف مطلقًا بناء ... على الطريق إذ لعل جاء
بسندٍ مُجَوَّد بل تقف ... ذاك على حكم إمام يصف
بيانَ ضعفه فإنْ أطلقَه ... فالشيخ فيما بعده حقَّقه
وإن ترد نقلًا لواهٍ أو لما ... يشك فيه لا بإسنادهما
فأتِ بتمريض كيروى واجزمْ ... بنقل ما صحَّ كقال، فاعلم
وسهلوا في غير موضع رووا ... من غير تبيين لضعف ورأوا
بيانه في الحكم والعقائد ... عن ابن مهدي وغير واحد
ومما يظن دخوله في النهي اللحن وشبهه، ولهذا قال العلماء رضي الله عنهم: ينبغي للراوي أن يعرف من النحو واللغة والأسماء ما يسلم من قول من لم يقل. قال الأصمعيّ: أخوف ما أخاف على طالب العلم إذ لم يعرف
الصفحة 489
503