كتاب الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق (اسم الجزء: 3)

تُحَصِّلُ فَرْقًا بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ.

(الْفَرْقُ الْخَامِسُ وَالثَّمَانُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ) فَقَاعِدَةُ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مَا اجْتَمَعَ فِيهِ شُرُوطٌ خَمْسَةٌ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مَا فُقِدَ مِنْهُ أَحَدُ هَذِهِ الشُّرُوطِ الْخَمْسَةِ فَالشُّرُوطُ الْخَمْسَةُ هِيَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَهِيَ (الطَّهَارَةُ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ، فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهَا يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ وَيُسْتَصْبَحُ بِهَا فَقَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ (الْفَرْقُ الْخَامِسُ وَالثَّمَانُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَى قَوْلِهِ وَفِي الشُّرُوطِ مَسْأَلَتَانِ) قُلْت مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالِانْتِفَاعِ بِشَعْرِهِ فَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنَعَهُ أَصْبَغُ
(الضَّرْبُ الثَّانِي) مَا تَدْعُو الضَّرُورَةُ إلَى اسْتِعْمَالِهِ كَالتَّرْجِيعِ وَالزِّبْلِ الَّذِي يُتَّخَذُ فِي الْبَسَاتِينِ فَاخْتُلِفَ فِي بَيْعِهِ فِي الْمَذْهَبِ فَقِيلَ بِمَنْعِهِ مُطْلَقًا، وَقِيلَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْعَذِرَةِ وَالزِّبْلِ أَعْنِي إبَاحَةَ الزِّبْلِ، وَمَنْعِ الْعَذِرَةِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُتَّخَذُ مِنْ أَنْيَابِ الْفِيلِ لِاخْتِلَافِهِمْ هَلْ هُوَ نَجِسٌ أَمْ لَا فَمَنْ رَأَى أَنَّهُ نَابٌ جَعَلَهُ مَيْتَةً، وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ قَرْنٌ مَعْكُوسٌ جَعَلَ حُكْمَهُ حُكْمَ الْقَرْنِ وَالْخِلَافُ فِيهِ فِي الْمَذْهَبِ اهـ بِتَصَرُّفٍ.
قَالَ الْبُنَانِيُّ: وَقَدْ حَصَّلَ الْحَطَّابُ فِي بَيْعِ الْعَذِرَةِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ لِمَالِكٍ عَلَى فَهْمِ الْأَكْثَرِ لِلْمُدَوَّنَةِ وَالْكَرَاهَةُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَفَهْمِ أَبِي الْحَسَنِ لَهَا وَالْجَوَازُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاضْطِرَارِ لَهَا فَيَجُوزُ وَعَدَمُهُ فَيُمْنَعُ لِأَشْهَبَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ.
وَأَمَّا الزِّبْلُ فَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ قِيَاسُهُ عَلَى الْعَذِرَةِ فِي الْمَنْعِ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِجَوَازِهِ وَقَوْلُ أَشْهَبَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْمُشْتَرِي أَعْذَرُ مِنْ الْبَائِعِ وَتُزَادُ الْكَرَاهَةُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْعَذِرَةِ وَفَهْمِ أَبِي الْحَسَنِ اُنْظُرْ الْحَطَّابَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي التُّحْفَةِ:
وَنَجِسُ صَفْقَتِهِ مَحْظُورَةٌ ... وَرَخَّصُوا فِي الزِّبْلِ لِلضَّرُورَةِ
وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى بَيْعِ الزِّبْلِ دُونَ الْعَذِرَةِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ لُبٍّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمِعْيَارِ أَوَّلَ نَوَازِلِ الْمُعَاوَضَاتِ وَهُوَ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا لِلضَّرُورَةِ اهـ. مِنْهُ بِلَفْظِهِ وَفِي حَاشِيَةِ كنون قَالَ الْحَطَّابُ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَنْعِ بَيْعِ النَّجِسِ نَهْيُهُ تَعَالَى عَنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَحْصُلُ بِهِ مَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِ أَصْلًا أَوْ حُكْمًا وَدَلِيلُهُ مِنْ السُّنَّةِ حَدِيثُ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ «إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ» الْحَدِيثَ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ وَمُسْلِمٌ بِلَفْظِ «إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهَا تُطْلَى بِهَا السُّفُنُ وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ وَيُسْتَصْبَحُ بِهَا فَقَالَ لَا هُوَ حَرَامٌ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ ذَلِكَ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ إنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا جَمَّلُوهَا، ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ» وَمَعْنَى أَجْمَلُوهُ أَذَابُوهُ، وَقَوْلُهُ حَرَّمَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ صَحَّتْ الرِّوَايَةُ بِإِسْنَادِهِ إلَى ضَمِيرِ الْوَاحِدِ تَأَدُّبًا مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اسْمِ اللَّهِ فِي ضَمِيرِ الِاثْنَيْنِ كَمَا رَدَّ عَلَى الْخَطِيبِ قَوْلَهُ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَالَ لَهُ بِئْسَ خَطِيبُ الْقَوْمِ قُلْ، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ اُنْظُرْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. وَفِي الْإِكْمَالِ مَا نَصُّهُ.
وَأَمَّا شَحْمُ الْمَيْتَةِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ مِنْ الْمَيْتَةِ بِشَيْءٍ أَلْبَتَّةَ؛ لِأَنَّهَا نَجِسَةُ الْعَيْنِ وَلِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِالْمَيْتَةِ إلَّا مَا خَصَّصَتْهُ السُّنَّةُ مِنْ الْجِلْدِ وَأَجَازَ عَطَاءٌ الِاسْتِصْبَاحَ بِشَحْمِهَا وَأَنْ يُطْلَى بِهِ السُّفُنُ اهـ. وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْجَهْمِ وَالْأَبْهَرِيِّ لَا بَأْسَ بِوَقِيدِهِ إذَا تُحُفِّظَ مِنْهُ اهـ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ جَوَازُ الْبَيْعِ وَالْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ رَاجِعْ مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيُنْتَفَعُ بِمُتَنَجِّسٍ إلَخْ وَمِنْ شَحْمِ الْمَيْتَةِ مَا يُجْلَبُ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ مِنْ الصَّابُونِ وَالشَّمْعِ الْمَصْنُوعَيْنِ مِنْ شَحْمِ غَيْرِ الْحَيَوَانِ الْبَحْرِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ)
فِي الشَّرْطِ الثَّانِي قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ يَكْفِي أَصْلُ الْمَنْفَعَةِ وَإِنْ قَلَّتْ وَقَلَّتْ قِيمَتُهَا فَيَصِحُّ بَيْعُ التُّرَابِ وَالْمَاءِ اهـ.
أَيْ بِمَكَانِهَا الْمُعَدِّ لَهُمَا وَهُوَ التَّلُّ وَالْبَحْرُ وَقَيَّدَ الْمَحَلِّيُّ وَالرَّمْلِيُّ وَابْنُ حَجَرٍ صِحَّةَ بَيْعِهِمَا فِيهِ بِأَنْ يَجُوزَ الْمَاءُ فِي قِرْبَةٍ مَثَلًا أَوْ يُكَوَّمَ التُّرَابُ فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ بَاعَ قِرْبَةَ مَاءٍ مَثَلًا عَلَى شَطِّ الْبَحْرِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْبُجَيْرَمِيِّ عَلَى شَرْحِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْمَنْهَجِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ إمْكَانُ تَحْصِيلِ مِثْلِهِمَا بِلَا تَعَبٍ وَلَا مُؤْنَةٍ وَمَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ كَالْحَشَرَاتِ الَّتِي لَا تَنْفَعُ وَهِيَ صِغَارُ دَوَابِّ الْأَرْضِ كَحَيَّةٍ وَعَقْرَبٍ وَفَأْرَةٍ وَخُنْفُسَاءَ لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ وَلَا بَيْعُهُ إذْ لَا نَفْعَ فِي الْحَشَرَاتِ الْمَذْكُورَةِ يُقَابِلُ بِالْمَالِ وَإِنْ ذَكَرَ لَهَا مَنَافِعَ فِي الْخَوَاصِّ بِخِلَافِ مَا يَنْفَعُ كَضَبٍّ لِمَنْفَعَةِ أَكْلِهِ وَعَلَّقَ لِمَنْفَعَةِ امْتِصَاصِ الدَّمِ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْمَنْهَجِ قَالَ الْبُنَانِيُّ ذَكَرَ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُمَا إنَّ مِثْلَ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ مَا مَنَافِعُهُ كُلُّهَا مُحَرَّمَةٌ كَالدَّمِ أَوْ جُلُّ الْمَقْصُودِ مِنْهَا مُحَرَّمٌ كَالزَّيْتِ النَّجِسِ بِخِلَافِ مَا مَنَافِعُهُ كُلُّهَا أَوْ جُلُّهَا مُحَلَّلَةٌ كَالزَّبِيبِ فَإِنْ كَانَتْ الْمَنَافِعُ الْمَقْصُودَةُ مِنْهَا مُحَلَّلٌ وَمِنْهَا مُحَرَّمٌ كَكَلْبِ الصَّيْدِ أُشْكِلَ الْأَمْرُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِالْمَمْنُوعِ اهـ. وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ يَعْنِي خَلِيلًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِإِشْكَالِ

الصفحة 239