كتاب الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق (اسم الجزء: 3)

الْمُشَخَّصَاتِ صُورَتَانِ
(الصُّورَةُ الْأُولَى) النُّقُودُ إذَا شُخِّصَتْ وَتَعَيَّنَتْ لِلْجِنْسِ هَلْ تَتَعَيَّنُ أَمْ لَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ
(أَحَدُهُمَا) تَتَعَيَّنُ بِالشَّخْصِ عَلَى قَاعِدَةِ الْمُشَخَّصَاتِ، وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ
(وَثَانِيهَا) أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَقَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ -
(وَثَالِثُهَا) تَتَعَيَّنُ إنْ شَاءَ بَائِعُهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْلَكُ بِهَا وَلَا مَشِيئَةَ لِقَابِضِهَا فَإِنْ اخْتَصَّ النَّقْدُ بِصِفَةٍ نَحْوِ الْحُلِيِّ أَوْ رَوَاجِ السِّكَّةِ وَنَحْوِهِمَا تَعَيَّنَتْ اتِّفَاقًا احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأُمُورٍ
(أَحَدُهَا) أَنَّ غَرَضَهُ مُتَعَلِّقٌ بِهَا عِنْدَ الْفَلَسِ، وَالنَّقْدُ الْمُعَيَّنُ آكَدُ مِنْ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ لِتَشَخُّصِهِ فَإِذَا تَعَيَّنَ النَّقْدَانِ فِي الذِّمَّةِ وَجَبَ أَنْ يَتَعَيَّنَا إذَا شُخِّصَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى
(وَثَانِيهَا) أَنَّ الدَّيْنَ يَتَعَيَّنُ فَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ إلَى ذِمَّةٍ أُخْرَى فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَيَّنَ النَّقْدَانِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الدَّيْنِ
(وَثَالِثُهَا) أَنَّ ذَوَاتَ الْأَمْثَالِ
ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَفِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ لِلشَّيْخِ مَنْصُورٍ الْحَنْبَلِيِّ وَالْأَشْهَرُ عَنْ إمَامِنَا وَمُخْتَارُ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ أَنَّ عِلَّةَ الرِّبَا فِي النَّقْدَيْنِ كَوْنُهُمَا مَوْزُونَيْ جِنْسٍ وَفِي الْأَعْيَانِ الْبَاقِيَةِ كَوْنُهَا مَكِيلَاتِ جِنْسٍ فَيَجْرِي الرِّبَا فِي كُلِّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونِ جِنْسٍ اهـ مِنْهُ بِلَفْظِهِ (وَيُرَدُّ عَلَيْهِمَا) أَنَّهُمَا وَإِنْ اعْتَبَرَا الْوَصْفَ الطَّرْدِيَّ إلَّا أَنَّهُمَا أَهْمَلَا الْمُنَاسِبَ الْمُقَدَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ الِاقْتِيَاتُ وَخَمْسَةٌ مِنْهَا لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ
(الْأَوَّلُ) تَعْلِيلُهُ بِالْمَالِيَّةِ
(وَالثَّانِي) تَعْلِيلُهُ بِالِاقْتِيَاتِ وَالِادِّخَارِ مَعَ الْغَلَبَةِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ، وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ التَّعْلِيلُ بِالْمَالِيَّةِ، وَقِيلَ بِالِاقْتِيَاتِ وَالِادِّخَارِ مَعَ كَوْنِهِ غَالِبَ الْعَيْشِ اهـ.
(وَالثَّالِثُ) تَعْلِيلُهُ بِالْأَكْلِ وَالِادِّخَارِ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فَفِي الْمُوَطَّإِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْعِلَّةَ الْأَكْلُ وَالِادِّخَارُ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فَيَجْرِي الرِّبَا فِي الْفَوَاكِهِ الْيَابِسَةِ وَيَخْتَلِفُ فِيمَا يَقِلُّ ادِّخَارُهُ كَالْخَوْخِ وَالرُّمَّانِ فَأَجْرَى ابْنُ نَافِعٍ فِيهِ الرِّبَا نَظَرًا لِجِنْسِهِ وَإِجَازَةُ مَالِكٍ فِي الْكِتَابِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ
(وَالرَّابِعُ) تَعْلِيلُهُ بِالِاقْتِيَاتِ
(وَالْخَامِسُ) تَعْلِيلُهُ بِكَوْنِهِ مُقْتَاتًا مُدَّخَرًا قَالَ سَنَدٌ فِي الطِّرَازِ قَالَ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ وَجَمَاعَةُ الْعِلَّةِ كَوْنُهُ مُقْتَاتًا فَيَمْتَنِعُ الرِّبَا فِي الْمِلْحِ وَالْبَيْضِ دُونَ الْفَوَاكِهِ الْيَابِسَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَاتُ وَهُوَ جَارٍ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَعَنْ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الِادِّخَارُ مَعَ الِاقْتِيَاتِ فَلَا رِبَا فِي الْفَوَاكِهِ الْيَابِسَةِ كَاللَّوْزِ وَالْجَوْزِ وَلَا فِي الْبَيْضِ لِأَنَّهُ لَا يُدَّخَرُ قَالَ وَقَالَ الْبَاجِيَّ هُوَ أَجْرَى عَلَى الْمَذْهَبِ اهـ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ مَجْمُوعُ الِاقْتِيَاتِ وَالِادِّخَارِ اهـ.
وَلِأَصْحَابِنَا فِي الْمِلْحِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ فَمِنْهُمْ مَنْ عَلَّلَهُ بِالِاقْتِيَاتِ وَصَلَاحِ الْقُوتِ فَأَلْحَقُوا بِهِ التَّوَابِلَ، وَقِيلَ بِالْأَكْلِ وَالِادِّخَارِ، وَقِيلَ بِكَوْنِهِ إدَامًا فَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْفِلْفِلُ وَنَحْوُهُ، وَلَيْسَ فِي الْمَذْهَبِ الِاقْتِصَارُ عَلَى مُطْلَقِ الْإِصْلَاحِ حَتَّى يَرُدُّ إلْزَامُ الشَّافِعِيَّةِ عَلَيْهِ جَرَيَانَ الرِّبَا فِي الْأَحْطَابِ وَالنِّيرَانِ؛ لِأَنَّهُمَا مِمَّا يُصْلِحُ الْأَقْوَاتَ.
وَأَمَّا إلْزَامُهُمْ لَنَا جَرَيَانَ الرِّبَا فِي الْأَقَاوِيَّةِ فَنَحْنُ نَلْتَزِمُهُ نَعَمْ مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ عَلَّلَ الْبُرَّ بِالْقُوتِ غَالِبًا وَالشَّعِيرَ بِالْقُوتِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَالتَّمْرُ بِالتَّفَكُّهِ غَالِبًا وَالْمِلْحُ بِإِصْلَاحِ الْقُوتِ فَيَحْصُلُ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلَانِ هَلْ الْعِلَّةُ فِي الْجَمِيعِ وَاحِدَةٌ أَوْ مُتَعَدِّدَةٌ وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ أَيْضًا هَلْ اتِّحَادُ الْجِنْسِ جُزْءُ عِلَّةٍ لِلتَّوَقُّفِ عَلَيْهِ أَوْ شَرْطٌ فِي اعْتِبَارِ الْعِلَّةِ لِعَرْوِهِ عَنْ الْمُنَاسَبَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَزَادَ حَفِيدِ بْنِ رُشْدٍ فِي بِدَايَتِهِ عَلَى الْخَمْسَةِ الَّتِي لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ مَذْهَبَانِ حَيْثُ قَالَ، وَقَدْ قِيلَ إنَّ سَبَبَ مَنْعِ التَّفَاضُلِ الصِّنْفُ الْوَاحِدُ الْمُدَّخَرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَاتًا وَمِنْ شَرْطِ الِادِّخَارِ عِنْدَهُمْ أَيْ الْمَالِكِيَّةِ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَكْثَرِ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ الرِّبَا فِي الصِّنْفِ الْمُدَّخَرِ وَإِنْ كَانَ نَادِرَ الِادِّخَارِ اهـ.
وَهَذِهِ الْمَذَاهِبُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي سَبَبٍ مِنْهُ التَّفَاضُلُ فِي الْأَرْبَعَةِ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَأَمَّا الْعِلَّةُ عِنْدَهُمْ فِي مَنْعِ التَّفَاضُلِ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَهُوَ الصِّنْفُ الْوَاحِدُ أَيْضًا مَعَ كَوْنِهِمَا رُءُوسًا لِلْأَثْمَانِ وَقِيَمًا لِلْمُتْلَفَاتِ كَمَا فِي بِدَايَةِ الْمُجْتَهِدِ لِحَفِيدِ ابْنِ رُشْدٍ قَالَ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ هِيَ الَّتِي تُعْرَفُ عِنْدَهُمْ بِالْقَاصِرَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَهُمْ فِي غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَالَ وَوَافَقَ الشَّافِعِيُّ مَالِكًا فِي عِلَّةِ مَنْعِ التَّفَاضُلِ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَعْنِي أَنَّ كَوْنَهُمَا رُءُوسًا لِلْأَثْمَانِ وَقِيَمًا لِلْمُتْلَفَاتِ إذَا اتَّفَقَ الصِّنْفُ. وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَعِلَّةُ مَنْعِ التَّفَاضُلِ عِنْدَهُمْ فِي هَذِهِ السِّتَّةِ وَاحِدَةٌ وَهُوَ الْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ مَعَ اتِّفَاقِ الصِّنْفِ اهـ الْمُحْتَاجُ مِنْهُ بِلَفْظِهِ.
وَأَمَّا مَفْهُومُ عِلَّةِ مَنْعِ النَّسَاءِ الَّتِي لَا تَجُوزُ فِيهَا النَّسِيئَةُ قِسْمَانِ مَا لَا يَجُوزُ فِيهَا التَّفَاضُلُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا وَمَا يَجُوزُ فِيهَا التَّفَاضُلُ فَأَمَّا الْأَشْيَاءُ الَّتِي لَا يَجُوزُ فِيهَا التَّفَاضُلُ فَعِلَّةُ امْتِنَاعِ النَّسِيئَةِ فِيهَا هُوَ الطَّعْمُ وَالِادِّخَارُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالطَّعْمُ فَقَطْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَطْعُومَاتُ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِذَا اقْتَرَنَ بِالطَّعْمِ اتِّفَاقُ الصِّنْفِ حَرُمَ التَّفَاضُلُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَإِذَا اقْتَرَنَ وَصْفٌ ثَالِثٌ وَهُوَ الِادِّخَارُ حَرُمَ التَّفَاضُلُ عِنْدَ مَالِكٍ، وَإِذَا اخْتَلَفَ الصِّنْفُ جَازَ التَّفَاضُلُ وَحَرُمَتْ النَّسِيئَةُ.
وَأَمَّا الْأَشْيَاءُ الَّتِي يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهَا فَهِيَ عِنْدَ مَالِكٍ صِنْفَانِ مَطْعُومَةٌ وَغَيْرُ مَطْعُومَةٍ فَأَمَّا الْمَطْعُومَةُ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ النَّسَاءُ فِيهَا وَعِلَّةُ الْمَنْعِ الطَّعْمُ.
وَأَمَّا غَيْرُ الْمَطْعُومَةِ فَالْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّ مَا اتَّفَقَتْ مَنَافِعُهُ مِنْهَا لَا يَجُوزُ فِيهِ مَعَ التَّفَاضُلِ النَّسَاءُ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ شَاةٌ وَاحِدَةٌ بِشَاتَيْنِ إلَى أَجَلٍ وَمَا اخْتَلَفَتْ مَنَافِعُهُ مِنْهَا يَجُوزُ فِيهِ مَعَ التَّفَاضُلِ النَّسَاءُ فَيَجُوزُ عِنْدَهُ شَاةٌ حَلُوبَةٌ بِشَاتَيْنِ أَكُولَةٍ مَثَلًا إلَى أَجَلٍ، وَقِيلَ إنَّهُ يُعْتَبَرُ اتِّفَاقُ الْمَنَافِعِ دُونَ التَّفَاضُلِ فَعَلَى هَذَا لَا يَجُورُ عِنْدَهُ شَاةٌ حَلُوبَةٌ

الصفحة 255