كتاب الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق (اسم الجزء: 3)

كَأَرْطَالِ الزَّيْتِ مِنْ خَابِيَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَقْفِزَةِ الْقَمْحِ مِنْ صُبْرَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِخُصُوصِيَّاتِهَا غَرَضٌ، بَلْ كُلُّ قَفِيزٍ مِنْهَا يَسُدُّ مَسَدَّ الْآخَرِ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَوْ بَاعَهُ قَفِيزًا مِنْ أَقْفِزَةٍ كِيلَتْ مِنْ صُبْرَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ رِطْلًا مِنْ أَرْطَالِ زَيْتٍ مِنْ جَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَهُ مَوْرِدَ الْعَقْدِ وَعَيَّنَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إبْدَالُهُ بِغَيْرِهِ، بَلْ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ مَعَ عَدَمِ الْغَرَضِ فَكَذَلِكَ النَّقْدَانِ
(وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ) أَنَّ الْفَلْسَ نَادِرٌ وَالنَّادِرُ مُلْحَقٌ بِالْغَالِبِ فِي الشَّرْعِ
(وَعَنْ الثَّانِي) أَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا تَعَيَّنَ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْقُلَهُ إلَى ذِمَّةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّ الذِّمَمَ تَخْتَلِفُ بِاللَّدَدِ وَقُرْبِ الْإِعْسَارِ فَلِذَلِكَ تَعَيَّنَ الدَّيْنُ، وَلَوْ حَصَلَ فِي النَّقْدَيْنِ اخْتِلَافٌ لَتَعَيَّنَتْ أَيْضًا اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا الْكَلَامُ عِنْدَ عَدَمِ الِاخْتِلَافِ
(وَعَنْ الثَّالِثِ) أَنَّ السِّلَعَ وَإِنْ كَانَتْ ذَوَاتَ أَمْثَالٍ فَإِنَّهَا مَقَاصِدُ وَالنَّقْدَانِ وَسِيلَتَانِ لِتَحْصِيلِ الْمُثَمَّنَاتِ، وَالْمَقَاصِدُ
ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِشَاةٍ حَلُوبَةٍ إلَى أَجَلٍ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْمَنَافِعُ فَالتَّفَاضُلُ وَالنَّسِيئَةُ عِنْدَهُ جَائِزَانِ وَإِنْ كَانَ الصِّنْفُ وَاحِدًا، وَقِيلَ يُعْتَبَرُ اتِّفَاقُ الْأَسْمَاءِ مَعَ اتِّفَاقِ الْمَنَافِعِ وَالْأَشْهَرُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ أَيْ اتِّفَاقُ الْأَسْمَاءِ مُطْلَقًا، وَقَدْ قِيلَ يُعْتَبَرُ أَيْ اتِّفَاقُ الْأَسْمَاءِ مُطْلَقًا.
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَالْمُعْتَبَرُ عِنْدَهُ فِي مَنْعِ النَّسَاءِ فِيمَا عَدَا الَّتِي لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ فِيهَا التَّفَاضُلُ هُوَ اتِّفَاقُ الصِّنْفِ اتَّفَقَتْ الْمَنَافِعُ أَوْ اخْتَلَفَتْ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ شَاةٌ بِشَاةٍ وَلَا بِشَاتَيْنِ نَسِيئَةً وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مَنَافِعُهَا، وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَكُلُّ مَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ عِنْدَهُ فِي الصِّنْفِ الْوَاحِدِ يَجُوزُ فِيهِ النَّسَاءُ فَيُجِيزُ شَاةً بِشَاتَيْنِ نَسِيئَةً وَنَقْدًا، وَكَذَلِكَ شَاةٌ بِشَاةٍ وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ تَعَارُضُ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي قَلَائِصِ الصَّدَقَةِ الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ إلَى الصَّدَقَةِ مَعَ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ فَكَانَ الشَّافِعِيُّ ذَهَبَ مَذْهَبَ التَّرْجِيحِ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ أَصْحَابُهُ.
وَفِيهِ التَّفَاضُلُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مَعَ النَّسَاءِ وَالْحَنَفِيَّةُ لِحَدِيثِ سَمُرَةَ مَعَ التَّأْوِيلِ لَهُ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَجُوزَ الْحَيَوَانُ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً اتَّفَقَ أَوْ اخْتَلَفَ، بَلْ قَدْ قِيلَ عَنْ الْكُوفِيِّينَ الْأَخْذُ بِظَاهِرِ حَدِيثِ سَمُرَةَ وَكَانَ مَالِكًا ذَهَبَ مَذْهَبَ الْجَمْعِ فَحَمَلَ حَدِيثَ سَمُرَةَ عَلَى اتِّفَاقِ الْأَغْرَاضِ وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَلَى اخْتِلَافِهَا وَسَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَلَكِنْ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَيَشْهَدُ لِمَالِكٍ مَا. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحَيَوَانُ اثْنَانِ وَاحِدٌ لَا يَصْلُحُ لِنَسَاءٍ وَلَا بَأْسَ بِهِ يَدًا بِيَدٍ» .
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ ثَبَتَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَرَى عَبْدًا بِعَبْدَيْنِ أَسْوَدَيْنِ وَاشْتَرَى جَارِيَةً بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ» وَعَلَى هَذَا الْحَدِيثِ يَكُونُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَصْلًا بِنَفْسِهِ لَا مِنْ قِبَلِ سَدِّ ذَرِيعَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ نَسَاءً هَلْ مِنْ شَرْطِهِ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ فِي سَائِرِ الرِّبَوِيَّاتِ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ فِي اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي الْمُصَارَفَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ» فَمَنْ شَرَطَ فِيهَا التَّقَابُضَ فِي الْمَجْلِسِ شَبَّهَهَا بِالصَّرْفِ، وَمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ قَالَ إنَّ الْقَبْضَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ لَيْسَ شَرْطًا فِي الْبُيُوعِ إلَّا مَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ وَلَمَّا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى الصَّرْفِ فَقَطْ بَقِيَتْ سَائِرُ الرِّبَوِيَّاتِ عَلَى الْأَصْلِ اهـ. بِتَلْخِيصٍ وَإِصْلَاحٍ قَالَ.
وَأَمَّا مَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ وَالنَّسَاءُ فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ مَا لَمْ يَكُنْ رِبَوِيًّا، وَعِنْدَ مَالِكٍ مَا لَمْ يَكُنْ رِبَوِيًّا وَلَا كَانَ صِنْفًا وَاحِدًا مُتَمَاثِلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَا كَانَ صِنْفًا وَاحِدًا بِإِطْلَاقِ فَمَالِكٌ يَعْتَبِرُ فِي الصِّنْفِ الْمُؤَثِّرِ فِي التَّفَاضُلِ فِي الرِّبَوِيَّاتِ وَفِي النَّسَاءِ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيَّاتِ اتِّفَاقُ الْمَنَافِعِ وَاخْتِلَافِهَا فَإِذَا اخْتَلَفَ جَعَلَهَا صِنْفَيْنِ وَإِنْ كَانَ الِاسْمُ وَاحِدًا وَأَبُو حَنِيفَةَ يَعْتَبِرُ الِاسْمَ، وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَإِنْ كَانَ الشَّافِعِيُّ لَيْسَ الصِّنْفُ عِنْدَهُ مُؤَثِّرًا إلَّا فِي الرِّبَوِيَّاتِ فَقَطْ أَعْنِي أَنَّهُ يُمْنَعُ التَّفَاضُلُ فِيهِ، وَلَيْسَ هُوَ عِنْدَهُ عِلَّةَ النَّسَاءِ أَصْلًا اهـ. الْمُحْتَاجُ مِنْهُ وَفِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ عَلَى الْإِقْنَاعِ لِلشَّيْخِ مَنْصُورِ بْنِ إدْرِيسَ الْحَنْبَلِيِّ مَا حَاصِلُهُ مَعَ الْمَتْنِ إنَّ رِبَا النَّسَاءِ يَحْرُمُ بَيْنَ كُلِّ شَيْئَيْنِ مِنْ جِنْسٍ أَوْ جِنْسَيْنِ بِشَرْطَيْنِ
(أَحَدُهُمَا) أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا نَقْدًا ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً
(وَثَانِيهِمَا) أَنْ تَتَّحِدَ عِلَّةُ رِبَا الْفَضْلِ وَهُوَ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ فِيهِمَا كَمَكِيلٍ بِمَكِيلٍ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِأَنْ بَاعَ مُدَّ بُرٍّ بِجِنْسِهِ أَيْ بِبُرٍّ أَوْ بِشَعِيرٍ وَنَحْوِهِ وَمَوْزُونٌ بِمَوْزُونٍ بِأَنْ بَاعَ رِطْلَ حَدِيدٍ بِجِنْسِهِ أَيْ بِحَدِيدٍ أَوْ بِنُحَاسٍ وَنَحْوِهِ فَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ الْحُلُولُ وَالْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ لِمَا ذُكِرَ، ثُمَّ إنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ اُعْتُبِرَ التَّمَاثُلُ وَإِلَّا جَازَ التَّفَاضُلُ وَيَجُوزُ النَّسَاءُ بَيْنَ كُلِّ شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا نَقْدًا وَاخْتَلَفَ عِلَّةُ رِبَا الْفَضْلِ فِيهِمَا وَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ بِتَأْخِيرِ الْقَبْضِ فَيَجُوزُ النَّسَاءُ فِي صَرْفِ فُلُوسٍ نَافِقَةٍ بِنَقْدٍ كَمَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ كَابْنِ عَقِيلٍ، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ رِوَايَةً قَالَ فِي الرِّعَايَةِ إنْ قُلْنَا هِيَ عَرْضٌ جَازَ وَإِلَّا فَلَا خِلَافًا لِمَا فِي التَّنْقِيحِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْحُلُولُ وَالتَّقَابُضُ فِي صَرْفِ نَقْدٍ بِفُلُوسٍ نَافِقَةٍ وَاَلَّذِي قَالَهُ فِي التَّنْقِيحِ قَدَّمَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
وَذَكَرَ فِي الْإِنْصَافِ أَنَّهُ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ

الصفحة 256