قَطَطٌ (¬1) عينُهُ طافِئةٌ كأنِّي أُشبِّهُهُ بعبدِ العُزَّى بنِ قَطَنٍ، فمنْ أدركَهُ منكُمْ فلْيقرأْ عليهِ فواتِحَ سورةِ الكهفِ -وفي رواية (¬2): فلْيقرأْ عليهِ بفواتِحِ سورةِ الكهفِ فإنّها جَوازُكم (¬3) منْ فِتنتِهِ- إنّهُ خارجٌ مِنْ خَلَّةٍ (¬4) بينَ الشَّامِ والعِراقِ، فعاثَ يمينًا وعاثَ شِمالًا، يا عِبادَ اللَّه فاثبُتُوا. قُلنا: يا رسولَ اللَّه وما لَبْثهُ في الأرضِ؟ قال: أربعونَ يومًا، يومٌ كسَنةٍ، ويومٌ كشهرٍ، ويومٌ كجُمعةٍ، وسائِرُ أيَّامِهِ كأيَّامِكُمْ. قُلنا: يا رسولَ اللَّه فذلكَ اليومُ الذي كسَنةٍ أيَكفِينا فيهِ صلاةُ يومٍ؟ قال: لا اقْدُروا لهُ قَدرَهُ. قلنا: يا رسولَ اللَّه وما إسْراعُهُ في الأرضِ؟ قال: كالغَيْثِ استدْبَرَتْهُ الريحُ، فيأْتي على القومِ فيَدعوهُمْ فيُؤمِنونَ بهِ، فيأْمُرُ السَّماءَ فتُمطِرُ والأرضَ فتُنبِتُ فتَروحُ عليهمْ سارحَتُهُمْ (¬5) أطولَ ما كانتْ ذُرًى (¬6) وأَسْبَغَهُ ضُروعًا (¬7) وأمدَّة خَواصِرَ (¬8)، ثمَّ يأتي القومَ فيَدعوهُمْ فيَردُّونَ عليهِ قولَهُ، فيَنصرِفُ عنهُمْ، فيُصبِحونَ مُمْحِلينَ (¬9) ليسَ بأَيْديهِمْ شيءٌ مِنْ أموالِهِمْ، ويمرُّ بالخَرِبَةِ فيقولُ لها: أخْرِجي كُنوزَكِ فتتبَعُهُ كنوزُها كيَعاسِيبِ النَّحْلِ (¬10) ثمَّ يَدعُو رجلًا ممتلِئًا شبابًا فيَضرِبُهُ بالسَّيْفِ فيقطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ
¬__________
(¬1) قطط: أي شديد جعودة الشعر.
(¬2) أخرجه أبو داود في السنن 4/ 496، كتاب الملاحم (31)، باب خروج الدجال (14)، الحديث (4321).
(¬3) الجَواز: هو الصك الذي يأخذه المسافر من السلطان أو نوّابه لئلا يتعرض لهم المترصّدة في الطريق. ولفظ أبي داود: "جِواركم" بكسر الجيم وبالراء، معناه حافظكم.
(¬4) خَلَّة: أي طريقًا.
(¬5) أي ترجع بعد زوال الشمس إليهم ماشيتهم التي تذهب بالغدوة إلى مراعيها.
(¬6) ذُرى: جمع ذروة وهي أعلى السنام، وذروة كل شيء أعلاه.
(¬7) جمع ضرع وهو الثدي، كناية عن كثرة اللبن.
(¬8) جمع حاضرة وهي ما تحت الجنب ومدّها كناية عن الامتلاء وكثرة الأكل.
(¬9) أمحل القوم أي أصابهم المحل وهو انقطاع المطر ويبس الأرض من الكلأ.
(¬10) يعاسيب النحل: هي ذكور النحل، هكذا فسره ابن قتيبة وآخرون، قال القاضي: المراد جماعة النحل لا ذكورها خاصة، لكنه كنى عن الجماعة باليعسوب وهو أميرها لأنه متى طار تبعته جماعته (النووي، شرح صحيح مسلم 18/ 66).