كتاب تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن (اسم الجزء: 3)
وقوله سبحانه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا ... الآية: هذا أَمْرٌ من اللَّه سبحانه بما فيه داعيةُ النَّصْر، وسبَبُ العزِّ، وهي وصيَّة منه سبحانه بِحَسَبِ التقْييد الذي في آية الضَّعْفِ، والفِئَةُ الجماعة، أصلها: «فِئَوَة» ، وهي مِنْ: «فأَوْتُ» ، أي: جمعتُ، ثم أمر سبحانه بإِكثار ذكْره هناك إِذ هو عصمةُ المستنجد، وَوَزَرُ المستعين.
قال قتادة: افترض اللَّه ذِكْرَهُ عند اشغل ما يكونُ عنْدَ الضرِّاب والسُّيوف.
قال ع «1» : وهذا ذِكْرٌ خفيٌّ لأن رَفْعَ الصَّوْت في موطن القتَال رديءٌ مكروهٌ إِذا كان ألغاطاً، فأما إِن كان من الجميعِ عند الحَمْلة، فَحَسَنٌ فَاتٌّ في عَضُد العَدُوِّ قال قيسُ بْنُ عُبَادٍ «2» : كان أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يكرهُونَ الصَّوْت عند ثلاثٍ عند قراءة القُرآن، وعند الجنازة، وعند القتال «3» ، وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «اطلبوا إِجَابَةَ الدُّعَاءِ عِنْدَ القِتَالِ، وإِقَامَةِ الصَّلاَةِ، ونُزُولِ الغَيْثِ» «4» وكان ابن عباس يُكْرَه التلثُّم عنْدَ القتالِ «5» .
قال النَّوويُّ: وسُئِلَ الشيخُ أبو عَمْرِو بْنُ الصَّلاَحِ «6» ، عن القَدْرِ الذي يصيرُ به المرء
__________
(1) ينظر: «المحرر الوجيز» (2/ 536) .
(2) قيس بن عباد، القيسي الضّبعي أبو عبد الله البصري مخضرم، عن عمر وعلي وعمّار، وعنه ابنه عبد الله والحسن البصري، وابن سيرين مات بعد الثمانين.
ينظر ترجمته في: «الخلاصة» (2/ 357) (5886) .
(3) ذكره ابن عطية (2/ 536) .
(4) ذكره الهندي في «كنز العمال» (2/ 102) رقم: (3339) ، وعزاه للشافعي، والبيهقي في «المعرفة» عن مكحول مرسلا.
(5) ذكره ابن عطية (2/ 535) .
(6) عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى بن أبي نصر، الإمام العلامة مفتي الإسلام، تقي الدين، أبو عمرو بن الإمام البارع صلاح الدين أبي القاسم، النصري- بالنون والصاد المهملة، نسبة إلى جده أبي نصر- الكردي، الشهرزوري الأصل، الموصلي المربا، الدمشقي الدار والوفاة، ولد سنة سبع وسبعين- بتقديم السين فيهما- وخمسمائة بشهرزور، وتفقه على والده، ثم نقله إلى الموصل فاشتغل بها مدة وبرع في المذهب.
ينظر ترجمته في «الأعلام» (4/ 369) و «طبقات الشافعية» للسبكي (5/ 137) و «وفيات الأعيان» (2/ 408) و «البداية والنهاية» (13/ 168) و «طبقات الشافعية» لابن هداية ص: (84) و «النجوم الزاهرة» (6/ 354) و «شذرات الذهب» (5/ 221) و «مفتاح السعادة» (1/ 397) ، (2/ 214) و «مرآة الزمان» (8/ 502) و «مرآة الجنان» (4/ 108) . [.....]