كتاب تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن (اسم الجزء: 3)

قال مجاهد: ففيهم نَزَلَتْ هذه الأربع آيات «1» .
وقوله: أَنْزَلْنا يحتمل التَّدْرِيجَ أَي: لما أنزل المَطَر، فكان عنه جميع ما يلبس، ويحتمل أن يريد ب أَنْزَلْنا خلقنا، كقوله: وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ [الزمر: 6] ، وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ [الحديد: 25] ولِباساً عام في جميع ما يلبس، ويُوارِي: يستر.
وقرأ الجمهور: «وريشاً» ، وقرأ عاصم، وأبو عمرو «ورياشاً» وهما عِبَارَتَانِ عن سَعَةِ الرزق، ورفاهة العَيْشِ، وَجَوْدَةِ الملبس والتمتع.
وقال البخاري: قال ابن عباس: وريشاً: المال انتهى «2» .
وقرأ نافع «3» ، وغيره: «ولباسَ» بالنصب.
وقرأ حمزة، وغيره بالرفع. وقوله: ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ إشارة إلى جَمِيعِ ما أنزل اللَّه من اللِّبَاسِ والرِّيشِ. وحكى النَّقَّاشُ: أن الإِشَارَةَ إِلى لِبَاسِ التَّقوى أي: هو في العبد آية أي: علامة وأمارة من اللَّه تعالى أنه قد رَضِيَ عنه، ورحمه.
وقال ابن عَبَّاسٍ: لباس التقوى هو السَّمْتُ الحَسَنُ «4» في الوَجْهِ. وقاله عثمان بن عفان على المنبر.
وقال ابن عَبَّاسٍ أيضاً: هو العَمَلُ الصالحَ «5» .
وقال عُرْوَةُ بن الزبير: هو خَشْيَةُ اللَّه «6» وقيل: هو لباس الصوف، وكل ما فيه تواضع لله عز وجل.
__________
(1) أخرجه الطبري (5/ 455) برقم: (14425) ، وذكره ابن عطية (2/ 388) .
(2) أخرجه البخاري معلقا بصيغة الجزم (6/ 416) : كتاب «أحاديث الأنبياء» ، باب: «خلق آدم وذريته» ، وقال ابن حجر: «هو قول ابن عباس، ووصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه» ، والطبري (5/ 457) برقم: (14433) ، وذكره ابن عطية (2/ 389) ، والبغوي (2/ 154) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (3/ 141) ، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.
(3) وقرأ بها ابن عامر والكسائي. عطفوا على الريش، والمعنى: وأنزلنا عليكم لباس التقوى.
ينظر: «السبعة» (280) ، و «الحجة» (4/ 12) ، و «حجة القراءات» (280) ، و «إعراب القراءات» (1/ 178) ، و «العنوان» (95) ، «شرح الطيبة» (4/ 293) ، «شرح شعلة» (387) ، «إتحاف» (1/ 46) ، «معاني القراءات» (1/ 403) .
(4) أخرجه الطبري (50/ 458) برقم: (14449) ، وذكره ابن عطية (2/ 389) ، والسيوطي (3/ 142) .
(5) أخرجه الطبري (5/ 458) برقم: (14449) وذكره ابن عطية (2/ 389) ، والبغوي (2/ 155) . [.....]
(6) أخرجه الطبري (5/ 459) برقم: (14452) ، وذكره ابن كثير (2/ 207) .

الصفحة 18