كتاب تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن (اسم الجزء: 3)
ينتجعون، وهي تتبعهم «1» وقرأ: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً ...
[يس: 71] الآية، ويحتملُ أنْ يكون حالاً من «السُّبُل» ، أي: مسَّهلةً مستقيمةً قاله مجاهد «2» ، لا يتوعَّر عليها سبيلٌ تسلُكُه.
ثم ذكر تعالى على جهة تعديد النعمة، والتنبيه على العِبْرة- أمْرَ العَسَل في قوله:
يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ، وجمهور الناس على أنَّ العسل يخرُجْ من أفواهِ النَّحْلِ، واختلافُ الألوان في العسل بحسب آختلاف النَّحْلِ والمَرَاعِي، أيُّ والفصول.
ت: قال الهرويُّ: قوله تعالى: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ، وذلك أنه يستحيلُ في بطونها، ثم تمجُّه من أفواهها انتهى.
وقوله: فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ الضمير للعَسَل قاله الجمهور: / قال ابن «3» العربيِّ في «أحكامه» وقد روى الأئمة، واللفظُ للبخاريّ، عن عائشة، قالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّه صلّى الله عليه وسلّم يُحِبُّ الحْلَوَاءَ والعَسَل «4» ، وروى أبو سعيد الخُدْرِيُّ: أنّ رجلا أتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: إنَّ أخِي يَشْتَكى بَطْنَهُ فَقَالَ: «اسقه عَسَلاً» ، ثم أتَاهُ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ: «اسقه عَسَلاً» ، ثُمَّ أتاه فَقَالَ:
فَعَلْتُ فَمَا زَادَهُ ذَلِكَ إِلاَّ استطلاقا، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: «صَدَق اللَّهُ وكَذَبَ بَطْنُ أخِيكَ، اسقه عَسَلاً» فسَقَاهُ، فَبَرأ «5» ، وروي أنَّ عوف بنَ مالك الأشْجَعِيَّ مَرِضَ، فقيل له: ألا نُعَالِجُكَ؟
فَقَالَ: ائتوني بمَاءِ سَمَاءٍ، فإِنَّ اللَّهَ تعالى يقُولُ: وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً [ق: 9]
__________
(1) أخرجه الطبري (7/ 613) برقم: (21749) بنحوه، وذكره ابن عطية (3/ 406) ، وابن كثير (2/ 575) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (4/ 230) ، وعزاه لابن أبي حاتم.
(2) ذكره البغوي (2/ 76) ، وابن عطية (3/ 406) .
(3) ينظر: «أحكام القرآن» (3/ 1157) .
(4) أخرجه البخاري (9/ 557) كتاب «الأطعمة» باب: الحلوى والعسل، حديث (5431) ، ومسلم (2/ 1101) كتاب «الطلاق» باب: وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق، حديث (21/ 1474) ، وأبو داود (2/ 361) ، كتاب «الأشربة» باب: في شراب العسل، حديث (3715) ، والترمذي (4/ 273- 274) كتاب «الأطعمة» باب: ما جاء في حب النبي صلّى الله عليه وسلّم الحلواء والعسل، حديث (1831) ، وفي الشمائل (164) ، وابن ماجه (2/ 1104) كتاب «الأطعمة» باب: الحلواء، حديث (3323) ، والدارمي (2/ 107) ، وأحمد (6/ 59) وأبو الشيخ في «أخلاق النبي» ص: (203) ، والبغوي في «شرح السنة» (6/ 84- بتحقيقنا) ، كلهم من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة به، وقال الترمذي:
هذا حديث حسن صحيح غريب.
(5) أخرجه البخاري (10/ 139) كتاب «الطب» باب: الدواء بالعسل، حديث (5684) ، ومسلم (4/ 1736) كتاب «السلام» باب: التداوي بسقي العسل، حديث (91/ 2217) ، وأحمد (3/ 19) ، والبيهقي (9/ 344) ، وفي «دلائل النبوة» (6/ 164) ، والبغوي في «شرح السنة» (6/ 249- بتحقيقنا) .