كتاب تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن (اسم الجزء: 3)

وقوله سبحانه: فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ المعنى: فلا يَتَعَدَّ الوليُّ أمْرَ اللَّه بأنْ يقتل غير قاتِلِ وليِّه، أو يقتل اثنين بواحدٍ إلى غير ذلك من وجوه التعدِّي، وقرأ «1» حمزة والكسائيُّ، وابن عامر: «فَلاَ تُسْرِفْ» - بالتاء من فوق-، قال الطبري «2» : على الخطاب للنبيِّ صلّى الله عليه وسلّم والأئمة بعده.
قال ع: ويصحَّ «3» أنْ يراد به الوليُّ، أي: فلا تسرفْ أيُّها الولي، والضميرُ في «إِنه» عائدٌ على «الوليِّ» ، وقيل: على المقتول، وفي قراءة أبي بن «4» كعب: «فَلاَ تُسْرُفوا في القِتَال إِنَّ وليَّ المَقْتُول كانَ مَنْصُوراً» ، وباقي الآية تقدَّم بيانه، قال الحسن:
بِالْقِسْطاسِ هو «5» القَبَّان «6» ، وهو القرسطون، وقيل: القِسْطَاسِ: هو الميزانُ، صغيراً كان أو كبيراً.
قال ع «7» : وسمعت أبي رحمه الله تعالى يَقُولُ: رأيْتُ الواعِظَ أبا الفضْلِ الجَوْهَرِيَّ رحمه الله في جامعِ عمرو بن العاص يعظُ النَّاسَ في الوزْن، فقال في جملة كلامه: إِن في هيئة اليَدِ بالميزانِ عِظَةً، وذلك أنَّ الأصابعَ يجيءُ منها صُوَرةُ المكتوبة ألف ولامَانِ وهاء، فكأنَّ الميزان يقولُ: اللَّه، اللَّه.
قال ع «8» : وهذا وعظٌ جميلٌ، «والتأويل» ، في هذه الآية المآل قاله «9» قتادة،
__________
(1) وحجتهم: قراءة عبد الله: «فلا تسرفوا في القتل» . وحجة الباقين: أن هذا الكلام أتى عقيب خبر عن غائب، وهو قوله: مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً.
ينظر: «السبعة» (380) ، و «الحجة» (5/ 98- 99) ، و «إعراب القراءات» (1/ 372) ، و «معاني القراءات» (2/ 94) ، و «شرح الطيبة» (4/ 430) ، و «العنوان» (119) ، و «حجة القراءات» (402) ، و «شرح شعلة» (463) ، و «إتحاف» (2/ 197) .
(2) ينظر: «الطبري» (8/ 76) .
(3) ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 453) .
(4) ينظر: «الشواذ» ص: (80) ، و «الكشاف» (2/ 665) ، و «المحرر الوجيز» (3/ 453) ، و «البحر المحيط» (6/ 31) .
(5) أخرجه الطبري (8/ 79) برقم: (22304) ، وذكره البغوي (3/ 114) ، وذكره ابن عطية (3/ 455) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (4/ 329) ، وعزاه لابن المنذر، عن الضحاك.
(6) هو الميزان ذو الذراع الطويلة المقسمة أقساما، ينقل عليها جسم ثقيل يسمى الرمانة لتعين وزن ما يوزن.
ينظر: «المعجم الوسيط» (720) .
(7) ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 455) .
(8) ينظر: «المحرر الوجيز» (3/ 455) . [.....]
(9) أخرجه الطبري (8/ 79) برقم: (22306) بنحوه، وذكره ابن عطية (3/ 455) ، وابن كثير في «تفسيره»

الصفحة 472