كتاب تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن (اسم الجزء: 3)
وأما الكفار، ومن نفذ عليه الوَعِيد من العُصَاةِ، فيعقبهم جوابهم عَذَاباً وتوبيخاً.
ت: وروى أبو عمر بن عبد البر «1» في كتاب «فَضْلِ العلمِ» بِسَنَدِهِ عن مَالِك أنه قال: بلغني أن العلماء يُسْأَلُونَ يوم القيامة كما تُسْأَلُ الأنبياء يعني عن تَبْلِيغ العِلمِ/ انتهى.
وخرج أبو نُعَيْم الحافظ من حديث الأَعْمَشِ، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما من عَبْدٍ يخطو خطوةً إِلا يُسْأَلُ عنها ما أَرَادَ بها» «2» .
وقد ذكرنا حَدِيثَ مسلم عن أبي برزة في غير هذا المَوْضِعِ. وخرج الطبراني بسنده عن ابن عُمَرَ قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إذا كان يَوْمُ القِيَامَةِ دَعَا اللَّه بِعَبْدٍ من عِبَادِهِ، فيوقفه بين يَدَيْهِ، فيسأله عن جَاهِهِ، كما يسأله عن عَمَلِهِ» «3» . انتهى.
وروى مالك عن يحيى بن سَعِيدٍ، قال: بلغني أن أَوَّلَ ما ينظر فيه من عَمَلِ الْمَرْءِ، الصلاة، فإن قُبِلَتْ منه نُظِرَ في ما بقي من عمله، وإن لم تقبل منه لم يُنْظَرْ في شَيْءٍ من عمله.
وروى أبو داود، والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجه معنى هذا الحديث مرفوعاً عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «أول ما يُحاسَبُ به النَّاسُ يوم القِيَامَةِ من أعمالهم الصَّلاَةُ» قال: يقول رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ للملائكة انْظُرُوا في صَلاَةِ عَبْدِي أتمَّهَا أم نَقَصَها، فإن كانت تَامَّةً كتبت تَامَّةً، وإن كان انتُقِصَ منها شيءٌ، قال الله: انظروا هل لعبدي من تَطَوُّعٍ؟ فإن كان له تَطَوَّع قال: أتموا لعبدي فَرِيضَتَهُ من تَطَوُّعِهِ، ثم تؤخذ الأعمال «4» على ذلك. انتهى.
واللفظ لأبي داود.
وقال النسائي: ثم سائر الأعمال تجري على ذلك انتهى من «التذكرة» » .
وقوله سبحانه: فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ أي: فَلنسْرِدَنَّ عليهم أعمالهم قِصَّةً قصة، بِعِلْمٍ أي: بحقيقة ويقين وَما كُنَّا غائِبِينَ.
[سورة الأعراف (7) : الآيات 8 الى 10]
وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ (9) وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (10)
__________
(1) ينظر: «جامع بيان العلم وفضله» (1/ 493) .
(2) أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (8/ 212) ، عن الأعمش مرسلا.
(3) ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/ 349) ، وقال: رواه الطبراني في «الصغير» ، وفيه يوسف بن يونس أخو أبي مسلم الأفطس، وهو ضعيف جدا. [.....]
(4) تقدم تخريجه.
(5) ينظر: «التذكرة» (1/ 379) .
الصفحة 8
550