كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 3)

مذهبُ السلَفِ، وأنَّ مذهبهم (¬1) هو توظيفُ الوظائف السَّبع، وقد ذكرنا بُرهان كُلِّ وظيفة منها، فَمَنْ خالَفَ، فليت شعري، أَيُخَالِف في قولنا الأول: إِنه يجبُ تقديسُ الله وتنزيهه عَنِ المخلوقات ومشابهتها، أم في قولنا الثاني: إِنه يجبُ عليه التَصديق والإِيمان بما قاله الرَسولُ - صلى الله عليه وسلم - على المعنى الذي أراده؟ أم في قولنا الثالث: إنَّه يجبُ عليه الاعترافُ بالعجز عن كُنْهِ ذات الله تعالى وصفاته؟ أم في قولنا الرَّابع: إِنه يجبُ عليه السُّكُوتُ عَنِ السُّؤال، والخوض فيما وراء طاقته؟. أم في قولنا الخامس: إنه يجبُ عليه إمساكُ اللِّسانِ عن تعبير الظَّواهر بالزِّيادة والنُّقصان؟ أم في قولنا السَّادس: إنَّه يجب عليه كفُّ القلبِ عَن التَفَكُّر فيه مع عجزه عنه، وقد قال لهم (¬2) عليه السلام: " تَفَكَّرُوا في خَلْقِ الله وَلَا تَفَكَّروا في ذاتِ اللهِ " (¬3)؟ أم في قولنا السابع: إِنه يجبُ عليه التسليم لله تعالى، ولرسوله
¬__________
(¬1) " أن مذهبهم " ساقطة من (ش).
(¬2) في (ش): علي.
(¬3) أخرجه ابن أبي شيبة في " العرش " فيما ذكره السخاوي في " المقاصد الحسنة " ص 159، والبيهقي في " الأسماء والصفات " ص 420 عن ابن عباس قوله بلفظ: " تفَكَّروا في كُلِّ شيء ولا تفكَّروا في اللهِ ". وفي سنده عاصم بن علي، وأبوه، وهما ضعيفان، وعطاء بن السائب، وهو مختلط.
وأخرجه أبو نعيم في " الحلية " 6/ 66 - 67 عن عبد الله بن سلام مرفوعاً بلفظ: " لا تفكَّروا في الله، وتفكروا في خلقِ الله ... " وفي سنده عبد الجليل بن عطية، وشهر بن حوشب، وكلاهما ضعيف.
وأخرجه اللالكائي في " السنة " (927)، والبيهقي في " الشعب " من حديث ابن عمر مرفوعاًً: " تفكروا في آلاء الله، ولا تفكروا في الله عز وجل " وفي سنده الوازع بن نافع، وهو متروك، وبعضهم اتهمه.
وفي الباب عن أبي هريرة عند ابن النجار في " ذيل تاريخ بغداد " 10/ 192/1 وفيه مجاهيل ومن هو متهم بالوضع.
ومع هذه الأسانيد الشديدة الضعف شبه الموضوعة، فقد ذهب إلى تحسين متنه بعضُ من ينتحل صناعة الحديث في عصرنا في " صحيحته " (1788).

الصفحة 376