كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 3)

الحال بين الفطرة وضدها مع وجوب الخاطر عند اعتقاد الباطل دون الحق.
جواب آخر: وهو أن الخلاف قد ثبت في العلوم الضرورية، وللمخالفين (¬1) في ذلك سُنة معروفة، يصعب جوابها على العامة ضرورة، وأما (¬2) الخاصة، فإنما يسلكون في ردها مسلك السنة وأهلها في الرد على المبطلين، وذلك لأن ردها بالاستدلال محال، فإنها تشكك (¬3) في مقدماته الضرورية التي نشأ عليها، فثبت أن أهل الكلام رجعوا إلى سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: " لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا الله خلق الخلق، فمن خلق الله " (¬4) الحديث.
فإن قيل: قد شكيت الوسوسة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي تنافي الجزم، فالجواب من وجهين:
أحدهما: أن النظر في الأدلة لا يقطع الوسوسة، وقد قال الخليل عليه السلام: {ولكن ليطمئن قلبي} [البقرة: 260}، وهذا مشترك الإلزام، فما أجابوا به فهو جوابنا.
¬__________
(¬1) في (ش): فللمخالفين.
(¬2) في (ش): فأما.
(¬3) في (ش): تشكيك.
(¬4) أخرجه من حديث أنس بن مالك: البخاري (7296)، ومسلم (136). ولفظه: " قال الله عز وجل: إن أمتك لا يزالون يقولون: ما كذا؟ ما كذا؟ حتى يقولوا: هذا الله خلق الخلق، فمن خلق الله؟ ".
وأخرجه من حديث أبي هريرة: البخاري (3276)، ومسلم (135)، وأبو داوود (4721). ولفظه: " لا يزال الناس يسألونكم عن العلم حتى يقولوا: هذا الله خلقنا، فمن خلق الله ".

الصفحة 392