كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 3)
البشر، فإنَّه يُعلم بدليلِ العقل أنَّه من عند الله تعالى، وذلك يقتضي صحَّة النبوة، وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصدقَ ما جاء به عن الله تعالى عَلى كُلِّ مذهب.
أما الأشعرية، فعندهم أن العلم بصدقه بعد المعجز ضرُوريٌّ، لا يحتاج إلى استدلال (¬1)، وأنَّ العلم بالإعجاز ضروريٌّ سواء كان من جنس مقدور العباد، أو مِن غير جنسه، والذي من جنسِ مقدورهم مِنْ قسمِ العاديات (¬2) من الضروريات.
وكذلك طائفة من المعتزلة، وهم أهل المعارف الضرورية، ومن مذهبهم أن العلم بالله تعالى ضروري، ولكن فيهم طائفة يوجبون النظر، ويقولون: إنه شرط اعتيادي (¬3)، بمعنى أن الله يخلق العلم الضروري عنده، لا به كما يخلق الإنسان عند قرار النطفتين في الرحم لا بذلك، وهو (¬4) أقربُ إلى مذاهب (¬5) أهلِ السُّنَّة، فإنهم يوجبون النظر فيما أمر الله تعالى بالنظر فيه من المعجزات والمصنوعات من غير ترتيب المقدمات على الأساليب (¬6) المنطقيات، ويقولون: إن الله تعالى يهبُ لمن يشاء من عباده عقيبَ ذلك النظر (¬7) من اليقين والمعرفة ما لا يُقْدَرُ قَدْرُه، ولا يُحْصَرُ حَدُّه، فأعلاه ما لا يَعْرِضُ معه الوسواسُ، وأدناه ما يَعْرِضُ (¬8) معه الوسواسُ إلى
¬__________
(¬1) في (ش): الاستدلال.
(¬2) في (ب): العادات.
(¬3) في (ب): اعتباري.
(¬4) في (ش): هو.
(¬5) في (ش): مذهب.
(¬6) في (ش): أساليب.
(¬7) " النظر " ساقطة من (ش).
(¬8) في (ش): يحصل.