كتاب المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 3)

804 - قوله: في حديث خالد في السَّلَب لما منعه القاتل وهو رجل من حِمْيَرَ وأخبر عوفُ بن مالك به النبَّيء - صلى الله عليه وسلم - فأمر عليه السلام بدفعه فَجَرَّ عَوف برداء خالد فقال له هل انجزت لك ما وعدتك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمعه عليه السلام فَاسْتُغْضِبَ فقال لا "تُعْطِهِ يا خالد" الحديث. (ص 1373).
قال الشّيخ هذا مع ما (¬16) وقع في حديث قاتل أبي جهل حجة لمالك في السّلَب وقد تقدّم ولو كان حقّا للقاتل على كلّ حال ما أمر به - صلى الله عليه وسلم - ثم رجع عنه فإن قيل وأنتم إذا قلتم بأنّه يعطيه على جهة الاجتهاد، فَلِمَ رَجَعَ عَنه؟ قلنا لتبدّل اجتهاده لأنه رآه أولاً أهلا لأن ينفل السّلبَ فلما وقع ما يدلّ على الافتيات على الأمير وتوقّع فيه أن يُجسر (¬17) على أمرائه فيما بعد رأى من المصلحة إمضاء ما فعلوه أولاً ليكون ذلك أبلغ في نفوذ (¬18) أوامرهم وأمنع من الجرأة عليهم.
فإن قيل: قد صارت هبة والهبة لا يُرجع فيها قلنا: في الرجوع عنها خلاف مع أن هذه خارجة من هذا القبيل وإنما هو مال الله يعطيه بحسب الاجتهاد فإذا ظهر له اجتهاد آخر هو أولى رجع إليه.
وقد وقع في بعض طرقه أن عَوْفاً قال يا خالد أما علمت أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قضى بالسلب للقاتل؟ فقال بلى ولكني استكثرته، فإن قال الشّافعي ظاهر هذا أنّه حُكم قُضي به وشرع خلاف تأويلكم قلنا بعد أن نسلّم أن ظاهر هذا اللّفظ هكذا فإنما هو قول الصاحب وفيه احتمال وقد قدمنا من فعل النبيء - صلى الله عليه وسلم - مادلَّ على ما قلناه.
¬__________
(¬16) مع ساقطة من (ب) وفي (ج) هذا وما وقَعَ.
(¬17) في (ب) و (د) حتّى يُجسَرَ.
(¬18) في (ب) و (ج) و (د) في نفود بالدّال المهملة.

الصفحة 14