كتاب مسند أبي عوانة - ط المعرفة (اسم الجزء: 3)
4575- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عَبَّاسٍ يُحَدِّثُ ، قَالَ : مَكَثْتُ سَنَةً ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنْ آيَةٍ ، فَلا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَسْأَلَهُ هَيْبَةً لَهُ ، حَتَّى خَرَجَ حَاجًّا ، فَخَرَجْتُ مَعَهُ ، فَلَمَّا رَجَعَ ، فَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَدَلَ إِلَى الأَرَاكِ فِي حَاجَةٍ ، فَوَقَفْتُ لَهُ حَتَّى فَرَغَ ، ثُمَّ سِرْتُ مَعَهُ فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ اللَّتَيْنِ تَظَاهَرَتَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم مِنْ أَزْوَاجِهِ ؟ قَالَ : تِلْكُ حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ فَقُلْتُ لَهُ : وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لأُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ هَذِهِ مُنْذُ سَنَةٍ ، فَمَا أَسْتَطِيعُ هَيْبَةً لَكَ قَالَ : فَلا تَفْعَلْ مَا ظَنَنْتَ أَنَّ عِنْدِي مِنْ عَلْمٍ ، فَسَلْنِي ، فَإِنْ كُنْتُ أَعْلَمُهُ أَخْبَرْتُكَ قَالَ : وَقَالَ عُمَرُ : وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَا نَعُدُّ لِلنِّسَاءِ أَمْرًا ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِنَّ مَا أَنْزَلَ ، وَقَسَمَ لَهُنَّ مَا قَسَمَ قَالَ : فَبَيْنَا أَنَا فِي أَمْرٍ أَتَأَمَّرُهُ فَقَالَتْ لِي امْرَأَتِي : لَو صَنَعْتَ كَذَا وَكَذَا فَقُلْتُ لَهَا : وَمَالَكِ أَنْتِ وَلِمَا هَاهُنَا ؟ وَمَا تَكَلُّفُكِ فِي أَمْرٍ أُرِيدُهُ ؟ فَقَالَتْ : وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ مَا تُرِيدُ أَنْ تُرَاجَعَ أَنْتَ ، وَإِنَّ ابْنَتَكَ لَتُرَاجِعُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ، حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ قَالَ عُمَرُ : فَأَخَذْتُ رِدَائِي ، ثُمَّ أَخْرُجُ مَكَانِي ، حَتَّى أَدْخَلَ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ لَهَا : يَا بُنَيَّةُ إِنَّكِ لَتُرَاجِعِينَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ، حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ ؟ فَقَالَتْ حَفْصَةُ : وَاللَّهِ إِنَّهُ لَنُرَاجِعَنَّهُ فَقُلْتُ : تَعْلَمِينَ أَنِّي أُحَذِّرُكِ عُقُوبَةَ اللهِ ، وَغَضِبَ رَسُولِهِ ، يَا بُنَيَّةُ لا تَغُرَّنَّكِ هَذِهِ الَّتِي قَدْ أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا ، وَحُبُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إِيَّاهَا ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ لِقَرَابَتِي مِنْهَا ، فَكَلَّمْتُهَا فَقَالَتْ لِي أُمُّ سَلَمَةَ : عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ قَدْ دَخَلْتَ فِي كُلِّ شَيْءٍ ، حَتَّى تَبْتَغِيَ أَنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ، وَبَيْنَ أَزْوَاجِهِ ، فَأَخَذَتْنِي وَاللَّهِ أَخْذًا ، فَكَسَرَتْنِي عَنْ بَعْضِ مَا كُنْتُ فِيهِ ، وَكَانَ لِي صَاحِبٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِذَا غِبْتُ أَنَا أَتَانِي بِالْخَبَرِ ، وَإِذَا غَابَ كُنْتُ أَنَا آتِيهِ بِالْخَبَرِ ، وَنَحْنُ حِينَئِذٍ نَتَخَوَّفُ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ غَسَّانَ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسِيرَ إِلَيْنَا ، فَقَدِ امْتَلأَتْ صُدُورُنَا مِنْهُ ، فَأَتَانِي صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ ، فَدَقَّ الْبَابَ فَقَالَ : افْتَحِ افْتَحْ فَقُلْتُ : جَاءَ الْغَسَّانِيُّ ، فَقَالَ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ : عَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أَزْوَاجَهُ فَقُلْتُ : رَغِمَ أَنْفُ حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ ثُمَّ أَخَذْتُ ثَوْبِي فَأَخْرُجُ ، حَتَّى جِئْتُ ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ يُرْتَقَى إِلَيْهَا بِعَجَلَةٍ وَغُلامٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أَسْوَدُ عَلَى رَأْسِ الدَّرَجَةِ ، فَقُلْتُ : هَذَا عُمَرُ ، فَأَذِنْ لِي قَالَ عُمَرُ : فَقَصَصْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم الْحَدِيثَ ، فَلَمَّا بَلَغْتُ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ تَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وَإِنَّهُ عَلَى حَصِيرٍ ، مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ ، وَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا مَصْبُوغَا ، وَعِنْدَ رَأْسِهِ أُهُبًا مُعَلَّقَةً ، فَرَأَيْتُ أَثَرَ الْحَصِيرِ فِي جَنْبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ، فَبَكَيْتُ ، فَقَالَ : مَا يُبْكِيكُ ؟ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ ، وَإِنَّكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ، فَقَالَ : أَمَا تَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَهُمَا الدُّنْيَا وَلَنَا الآخِرَةُ ؟.
الصفحة 167