كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (اسم الجزء: 3)
وَأَنَّ مَا عَلَيْهِ أَعْدَاؤُهُ الْمُشْرِكُونَ أَكْبَرُ وَأَعْظَمُ مِنْ مُجَرَّدِ الْقِتَالِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَهُمْ أَحَقُّ بِالذَّمِّ وَالْعَيْبِ وَالْعُقُوبَةِ، لَا سِيَّمَا وَأَوْلِيَاؤُهُ كَانُوا مُتَأَوِّلِينَ فِي قِتَالِهِمْ ذَلِكَ، أَوْ مُقَصِّرِينَ نَوْعَ تَقْصِيرٍ يَغْفِرُهُ اللَّهُ لَهُمْ فِي جَنْبِ مَا فَعَلُوهُ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالطَّاعَاتِ، وَالْهِجْرَةِ مَعَ رَسُولِهِ، وَإِيثَارِ مَا عِنْدَ اللَّهِ، فَهُمْ كَمَا قِيلَ:
وَإِذَا الْحَبِيبُ أَتَى بِذَنْبٍ وَاحِدٍ ... جَاءَتْ مَحَاسِنُهُ بِأَلْفِ شَفِيعِ
فَكَيْفَ يُقَاسُ بِبَغِيضِ عَدُوٍّ جَاءَ بِكُلِّ قَبِيحٍ، وَلَمْ يَأْتِ بِشَفِيعٍ وَاحِدٍ مِنَ الْمَحَاسِنِ.
[فصل في تَحْوِيلُ الْقِبْلَةِ]
فَصْلٌ
وَلَمَّا كَانَ فِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، حُوِّلَتِ الْقِبْلَةُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ.
[فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ الْكُبْرَى]
[خَبَرُ الْعِيرِ الْمُقْبِلَةِ مِنَ الشَّامِ لِقُرَيْشٍ صُحْبَةَ أَبِي سُفْيَانَ]
فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ الْكُبْرَى
فَلَمَّا كَانَ فِي رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرُ الْعِيرِ الْمُقْبِلَةِ مِنَ الشَّامِ لِقُرَيْشٍ صُحْبَةَ أبي سفيان، وَهِيَ الْعِيرُ الَّتِي خَرَجُوا فِي طَلَبِهَا لَمَّا خَرَجَتْ مِنْ مَكَّةَ، وَكَانُوا نَحْوَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا، وَفِيهَا أَمْوَالٌ عَظِيمَةٌ لِقُرَيْشٍ، فَنَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ لِلْخُرُوجِ إِلَيْهَا، وَأَمَرَ مَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا بِالنُّهُوضِ، وَلَمْ يَحْتَفِلْ لَهَا احْتِفَالًا بَلِيغًا؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ مُسْرِعًا فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مِنَ الْخَيْلِ إِلَّا فَرَسَانِ: فَرَسٌ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَفَرَسٌ للمقداد بن الأسود الكندي، وَكَانَ مَعَهُمْ سَبْعُونَ بَعِيرًا يَعْتَقِبُ الرَّجُلَانِ وَالثَّلَاثَةُ عَلَى الْبَعِيرِ الْوَاحِدِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلي، ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يَعْتَقِبُونَ بَعِيرًا، وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَابْنُهُ وكبشة موالي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَقِبُونَ بَعِيرًا،
الصفحة 153